قال النبي صلى الله عليه وسلم:«لبّيك وسعديك والخير كلّه في يديك والشّرّ ليس إليك»«١» . من حديث طويل عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
الشّاهد في الحديث:
قوله صلى الله عليه وسلم «والخير كلّه في يديك والشّرّ ليس إليك» ، واعتقاد أن الخير كله- كما سيأتي- في يديه، والشر ليس إليه، منتهى الأدب مع الله.
[ومن فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
إثبات أن كل أنواع الخير- بلا استثناء- هو في يدي الله- عز وجل-، وهذا يشمل خيري الدنيا والآخرة، خير المال النافع والولد الصالح والزوجة البارة، كل الخير من عند الله، لقوله صلى الله عليه وسلم «والخير كلّه» .
الفائدة الثّانية:
لفظ «في يديك» يشير إلى أن الله وحده هو صاحب هذا الخير والمتصرف فيه، يعطيه من يشاء وقتما يشاء، ويمنعه من يشاء، لأننا إذا أردنا أن نعبر عن تملكنا لشيء غاية التملك، قلنا:(هو في أيدينا) ، فهو أجمل معنى وأتم فائدة فيما لو قال:
(والخير كله عندك) .
يتفرع عليه: وجوب أن نتوجه إلى الله، - عز وجل-، بالدعاء والتضرع الدائمين، لنستجلب ما عنده من الخير، وألا نركن لأنفسنا في تحصيل أي خير مهما قلّ، لأن الخير كله، صغيره وكبيره، في يد الله، ولا أقول: عنده، فشتان بين التعبيرين.
الفائدة الثّالثة:
أما قوله صلى الله عليه وسلم «والشّرّ ليس إليك» ، فهو من تمام الأدب النبوي، أنه لم ينسب الشر إلى الله- عز وجل- مع اعتقادنا أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه، سواء خيرها وشرها، فيكون تأويل الحديث أن الشر المحض لم يخلقه الله- تبارك وتعالى- فالله قد قدّر الكفر- وإن لم يرضه لعباده-، ولكنه ليس شرّا محضا، لأن به يقوم سوق الجهاد والتضحية في سبيل الله، فيميز الله به الصادقين من عباده عن غيرهم، وكذا جميع الذنوب، ليست شرّا محضا، لأن بها يقوم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومجاهدة النفس والاستغفار والإنابة، ولولا ها لما ظهر للعباد فضل الله عليهم وامتنانه، ولما كان للجنة ولا
(١) مسلم، كتاب: صلاة المسافرين وقصرها، باب: الدعاء في صلاة الليل وقيامه، برقم (٧٧١) .