للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تؤدي إلى ما لا ينبغي «١» .

وقال الشيخ السعدي- رحمه الله-: (وهذا من توسعة الله على رسوله ورحمته به، أن أباح له ترك القسم بين زوجاته على وجه الوجوب وأنه إن فعل ذلك فهو تبرع منه، ومع ذلك فقد كان صلى الله عليه وسلم يجتهد في القسم بينهن في كل شيء) «٢» .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

بينت الآية الكريمة الحكمة من عدم وجوب القسمة بين الزوجات في حق النبي صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ذلِكَ أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ [الأحزاب: ٥١] ، قال صاحب المنتخب: (تؤخر من تشاء منهن في القسم وتدني إليك من تشاء، ومن طلبت ممن أخرت قسمها فلا مؤاخذة عليك، ذلك التفويض إلى مشيئتك أقرب إلى سرورهن وبعد الحزن عنهن، ويرضين كلهن بما آتيتهن) .

وقال الشيخ السعدي- رحمه الله- كلاما مشابها لذلك فقال ما نصه: (تلك التوسعة عليك وكون الأمر راجعا إليك وبيدك، وكون ما جاء منك إليهن تبرعا منك أَدْنى أَنْ تَقَرَّ أَعْيُنُهُنَّ وَلا يَحْزَنَّ وَيَرْضَيْنَ بِما آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَ

[الأحزاب: ٥١] لعلمهن أنك لم تترك واجبا ولم تفرط في حق لازم) «٣» .

[الفائدة الثانية:]

هل عدم وجوب القسمة بين الزوجات على النبي صلى الله عليه وسلم في الواهبات أنفسهن أم في جميع النساء؟ الصحيح- والله أعلم- أنها في كل النساء، والدليل على ذلك ما رواه مسلم عن معاذة العدويّة، عن عائشة قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستأذننا إذا كان في يوم المرأة منّا بعد ما نزلت: تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ [الأحزاب: ٥١] ، فقالت لها معاذة: فما كنت تقولين لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنك؟ قالت: كنت أقول: إن كان ذاك إليّ لم أوثر أحدا على نفسي «٤» . قال الإمام ابن كثير- رحمه الله-: (اختار ابن جرير أن الآية عامة في الواهبات وفي النساء اللاتي عنده أنه مخير فيهن إن شاء قسم وإن شاء لم يقسم، وهذا الذي اختاره حسن جيد وفيه جمع بين الأحاديث) «٥» .


(١) انظر الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ٢١٥) .
(٢) انظر تفسير السعدى (١/ ٦٦٩) .
(٣) انظر تفسير السعدى (١/ ٦٦٩) .
(٤) رواه مسلم، كتاب: الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقا إلا ... ، برقم (١٤٧٦) .
(٥) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٥٠٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>