في مناقب الصديق رضي الله عنه خير هذه الأمة بعد نبيها صلّى الله عليه وسلّم:
١- علم الصحابة بأنه أفضلهم بعد نبيهم صلّى الله عليه وسلّم، حيث جاءه المؤذن يسأله أن يصلي بالناس، وما ذهب لغيره من الصحابة، ولو كان فعل المؤذن عن أمر رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لكان الفضل آكد وأثبت، وقد ورد في البخاري الأمر الصريح من النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يصلي أبو بكر بالناس وذلك في مرض موته، وقد ذكر بعض شراح حديث الباب، أن النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي أمر أن يؤم أبو بكر الناس، ولكن كلام المؤذن لا يوحي بذلك، حيث ورد بالحديث:(فجاء المؤذن إلى أبي بكر فقال: أتصلي للناس فأقيم) . فالسياق يوحي أن المؤذن إنما يستأذن أبا بكر في الإمامة، فإذا وافق أقام، ولو كان هناك أمر من النبي صلّى الله عليه وسلّم لاستأذنه فقط في الإقامة، أو لأخبره أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم قد أمر بذلك.
٢- فقهه رضي الله عنه ويتبين من:
أ- عدم التفاته في الصلاة، لقول الراوي:(وكان أبو بكر لا يلتفت في صلاته) ، لعلمه أن الالتفات اختلاسة من الشيطان، وهو أيضا من كمال أدبه مع الله. سبحانه وتعالى-؛ إذ كيف يلتفت في صلاته، من يعظم الله ويعلم قدره، كما يتبين فقهه من التفاته، على غير عادته، عندما أكثر الناس من التصفيق، فاختار أخف الضررين، وهو الالتفات، أو أنه علم أن الناس لن تكف حتى يلتفت.
ب- علمه رضي الله عنه أن أمر النبي صلّى الله عليه وسلّم له بمواصلة إماما، لم يكن على الوجوب، وإنما المقصود منه إظهار فضله وتكريمه، وهذا الفهم منه رضي الله عنه صحيح، وإلا لبين له النبي صلّى الله عليه وسلّم أن هذا الأمر كان للوجوب، وأنه ما كان ينبغي أن يرجع. والوجه الثاني في المسألة، أن الأمر باتمام الصلاة إماما كان للوجوب، ولكن أبا بكر رضي الله عنه تأول هذا الأمر وأخرجه عن ظاهره- وهو الوجوب- لحيائه الشديد من النبي صلّى الله عليه وسلّم، إذ كيف يصلي به إماما؟!
ج- علمه أن الالتفات، والتأخر في الصلاة للوراء، وتحوله من إمام إلى مأموم، كله لا يفسد الصلاة، وكان له الفضل أن تعلمت الأمة حكم تلك المسائل.
د- علمه أنّ حمد الله في الصلاة، على أمر خارج الصلاة، لا يفسدها، مع جواز رفع اليدين في الصلاة، شكرا لله.
٣- تعظيمه للنبي صلّى الله عليه وسلّم ويتجلى ذلك فيما يلي: