للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ج- أقسم الصحابي بالله على عدم أخذ الخاتم بقوله: (لا والله) ، كما أكد عزمه على عدم الأخذ أو الانتفاع به طيلة حياته بقوله: (لا آخذه أبدا) ، وكأنه أراد أن يمنع الصحابة من محاولة إقناعه وتيئيسهم من ذلك.

د- لم يكن المانع من أخذ الخاتم من الأرض هو الكبر أو الترفع عن أخذ شيء ألقي على الأرض، أو الغضب من فعل النبي صلّى الله عليه وسلّم ولكن كان المانع أعظم من ذلك بكثير حيث قال الصحابي: (لا أخذه أبدا وقد طرحه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم) .

ويبدو أن الصحابي قد رفض أخذ الخاتم حتى لا يرفع شيئا أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم وضعه، فيكون بذلك مخالفا (ولو ظاهرا) للهيئة التي أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن يكون خاتم الذهب عليها، وهي الطرح على الأرض، ولا يستبعد أنه قال في نفسه: (لو أراد النبي صلّى الله عليه وسلّم أن أنتفع به لما ألقاه على الأرض ولناولني إياه) .

أخي القارئ الكريم: أين نحن من هذه الطاعة المطلقة والتعظيم الشديد لأمر النبي صلّى الله عليه وسلّم؟ أين نحن من هذا الأدب الرفيع؟ هلا تعلّمنا واتبعنا؟!!.

٣- كمال المتابعة

ويتضح لنا كمال الاتباع، وليس مجرد المتابعة، من تتبع الصحابة رضي الله عنهم أثر الرسول صلّى الله عليه وسلّم في كل صغيرة وكبيرة، لأقوال وأفعال النبي صلّى الله عليه وسلّم على أكمل وجه كما سيتضح من الأمثلة التالية.

[المثال الأولى:]

عن حصين عن عمارة بن رؤيبة أنه رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال: قبّح الله هاتين اليدين، لقد رأيت رسول الله صلّى الله عليه وسلّم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا، وأشار بإصبعه المسبّحة) «١» .

[الشاهد في الحديث:]

أن عمارة بن رؤيبة دعا على بشر بن مروان بقوله (قبح الله هاتين اليدين) ، وما ذلك إلا أنه أشار بيده كلها خلافا لفعل النبي صلّى الله عليه وسلّم.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم متابعة الصحابة للنبي صلّى الله عليه وسلّم ووجه ذلك من الحديث:

أ- دعاء عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه على بشر بن مروان، وما كان ليدعو على أحد من


(١) مسلم، كتاب: الجمعة، باب: تخفيف الصلاة والخطبة، برقم (٨٧٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>