أما كنت تتمنين أن يتقدم للزواج منك رجل ولو كان كبيرا في السّنّ، يصون عرضك ويحفظ لك كرامتك ويربي أولادك، خاصة لو لم يكن لك مصدر رزق، حتى ولو كان هذا الرجل متزوجا بواحدة أو اثنتين، أرجو ألا تتكبري في الإجابة ولا تخدعي نفسك.
أرأيت أختي المسلمة لو كثر عدد النساء عن عدد الرجال كما أخبر بذلك الصادق المصدوق في حديث علامات الساعة الذي رواه أنس بن مالك رضي الله عنه وفيه:«إنّ من أشراط السّاعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويفشو الزّنا، ويشرب الخمر، ويذهب الرّجال، وتبقى النّساء حتّى يكون لخمسين امرأة قيم واحد»«١» أما تتمنين وقتها لو أحل الله التعدد، نعم ستتمناه كل امرأة عاقلة، ولا تغتري أختي المسلمة بما يدعيه دعاة التحرر والتفسخ، أن المرأة الآن يمكن أن تقوم بنفسها، فلها كيان مستقل تستطيع به أن تدافع عن نفسها وتكسب رزقها، هذا كله سفه لا يغني من الحق شيئا.
وبعد هذا العرض الموجز، نسأل المرأة المسلمة هل الضرر الذي قد يلحقك من الزوجة الثانية أعظم أم الضرر الذي يقع من منع التعدد أعظم؟.
ومن حكمة الشرع التي يعلمها كل دارس له ومتفقه فيه، أن من أولويات الشرع وقواعده أنه عند وجود ضررين، يتم دفع أعظمهما واحتمال أخفهما. وهذه القاعدة مضطردة في جميع الشرع، وهي من محاسنه العظيمة التي لا تعد ولا تحصى، ونصيحة إلى كل مسلم ومسلمة أنه إذا أراد أن يبحث في مسألة، فيجب عليه أن ينخلع من نفسه، حتى يستطيع أن يكون حكما عدلا قدر الإمكان، وألا ننظر إلى أي مسألة من جهة واحدة، وهذا في جميع الأمور الشرعية والحياتية.
[الدرس السادس والعشرون: ما يمكن أن يكون عليه المستشارون]
من اختلاف في الرأي، بل وتضاده في بعض الأحيان، وعلينا ألانشكك في أحدهما أو نكذبه ونرميه بألفاظ غير مناسبة، ونصدق الطرف الآخر، ولا أن نكذب الاثنين، وإذا كان اختلاف المستشارين واردا، فاحتمال خطأ الاثنين وارد، وعلى الذي يستشير ألا يسلم أمره لأحد، بل يستشير ويتأمل فيما سمع ويستخير، ثم يستعين بالله ويقرر أمره، وعلى المستشير أن يتخير أحبّ الناس إليه وأعلمهم بحاله وحال أهله إذا تطلب الأمر، كما يؤخذ من الحديث
(١) البخاري، كتاب: العلم، باب: رفع العلم وظهور الجهل، برقم (٨١) ، مسلم، كتاب: العلم، باب: رفع العلم.... برقم (٢٦٧١) .