للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعمر- رضي الله عنهم- فهلا علمنا أولادنا هذا الأدب الرفيع من آداب المجالس والحديث، أم تركناهم يتجادلون ويتخاصمون بل ويحتدون في الكلام معنا، قال ابن عمر: (ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم) .

الفائدة الرّابعة:

حرص الآباء على إظهار فضل أولادهم، خاصة في مجالس العلم وبحضرة أهل الفضل، وأن يكون ذلك أحب عند الأب من الدنيا وما فيها، قال عمر لابنه رضي الله عنهما: (لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا) .

[الفائدة الخامسة:]

التفاوت بين أهل العلم في ملكة الاستنباط والفهم، وقد مر ذلك مبسوطا في موقع آخر من الكتاب، ودليله من حديث الباب، أن ابن عمر فهم مراد الرسول صلى الله عليه وسلم من المثل المضروب، بينما استشكل حله على بقية الصحابة الحاضرين، مع أن فيهم من هو أعلم كأبي بكر وعمر رضي الله عنهم جميعا.

٢٠- همته صلى الله عليه وسلم:

[أولا: همته العالية في حفظ التنزيل:]

عن ابن عبّاس رضي الله عنهما في قوله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ

، قال: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التّنزيل شدّة، وكان ممّا يحرّك شفتيه، فقال ابن عبّاس: فأنا أحرّكهما لكم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرّكهما، وقال سعيد: أنا أحرّكهما كما رأيت ابن عبّاس يحرّكهما، فحرّك شفتيه، فأنزل الله تعالى: لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ

، قال: جمعه لك في صدرك، وتقرأه فإذا قرأناه فاتّبع قرآنه. قال: فاستمع له، وأنصت، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ، ثمّ إنّ علينا أن تقرأه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع، فإذا انطلق جبريل، قرأه النّبيّ صلى الله عليه وسلم وسلّم كما قرأه) «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول ابن عباس رضي الله عنهما: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل وكان مما يحرك شفتيه) . والحكمة من تحريك الشفتين، خوفه صلى الله عليه وسلم أن ينفلت منه شيء من القرآن.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

همة النبي صلى الله عليه وسلم العالية في حفظ القرآن، وذلك أنه كان يحرك شفتيه ولسانه بالقرآن الذي ينزل به جبريل عليه السّلام مخافة أن ينسى منه شيئا بعد انقضاء قراءة جبريل عليه السّلام بالرغم أن تحريك الشفتين فيه مشقة بالغة عليه صلى الله عليه وسلم لقول ابن عباس رضي الله


(١) البخاري، كتاب: بدء الوحي، باب: بدء الوحي، برقم (٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>