للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١١- أكثر أتباع الرسل وأكثر أهل الجنة:

عن عمرو بن ميمون، عن عبد الله قال: كنّا مع النّبيّ في قبّة فقال: «أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنّة؟» قلنا: نعم. قال: «أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنّة؟» قلنا: نعم.

قال: «أترضون أن تكونوا شطر أهل الجنّة؟» قلنا: نعم. قال: «والّذي نفس محمّد بيده إنّي لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنّة، وذلك أنّ الجنّة لا يدخلها إلّا نفس مسلمة، وما أنتم في أهل الشّرك إلّا كالشّعرة البيضاء في جلد الثّور الأسود أو كالشّعرة السّوداء في جلد الثّور الأحمر» . [متفق عليه] «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قوله صلى الله عليه وسلم: «والذي نفس محمد بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم منة الله- عز وجل- على هذه الأمة، إذ جعلها نصف أهل الجنة، وفي بعض الروايات في غير الصحيحين، «ثلثي أهل الجنة» «٢» ، وهي منة تكون في المقام الأول لنبي هذه الأمة صلى الله عليه وسلم.

[الفائدة الثانية:]

بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحكمة والحب لأصحابه، يتبين ذلك من:

١- زفّ النبيّ صلى الله عليه وسلم البشرى لأصحابه رضي الله عنهم بصيغة الاستفهام مرتين وذلك لإرادة تقرير البشارة، ذكره ابن التين، وأقول: قد يكون الحكمة من ذكر البشرى على صيغة الاستفهام رغبة النبي صلى الله عليه وسلم في إشعار أصحابه بفضلهم وإدلالهم، وأن الله- عز وجل- إكراما لهم سيعطيهم في الآخرة ما يرضيهم فقال: «أترضون» وما كان ذلك المعنى الجميل ليصل إليهم لو أنه صلى الله عليه وسلم قال: «إنكم ثلث أهل الجنة» .

٢- أبلغ النبي صلى الله عليه وسلم البشرى لأصحابه رضي الله عنهم، على ثلاث مراحل: الأولى كونهم ربع أهل الجنة، والثانية ثلث أهل الجنة، والثالثة شطر أهل الجنة، والحكمة من ذلك كما قاله الإمام النووي:

أ- أن ذلك أوقع في نفوسهم وأبلغ في إكرامهم، فإن إعطاء الإنسان مرة بعد أخرى


(١) البخاري، كتاب: الرقاق، باب: كيف الحشر، برقم (٦٥٢٨) ، ومسلم، كتاب: الإيمان، باب: كون هذه الأمة نصف أهل الجنة، برقم (٢٢١) .
(٢) بهذا اللفظ أخرجه الحميدي في «مسنده» (٢/ ٣٦٧) ، برقم (٨٣١) ، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان، تركه بعضهم وقال ابن معين: ليس بذاك القوي.

<<  <  ج: ص:  >  >>