٤- تصدق كعب بن مالك بكل ماله- إلا سهمه بخيبر- تعبيرا عن فرحه بتوبة الله عليه، وشكره على ذلك وكان يريد ابتداء أن يتصدق بكل ماله، لولا مراجعة الرسول له.
هذا الذي يجب أن يفعله العبد، إذا تاب الله عليه، الصدقة والهدية والسجود شكرا لله، وما فعل كعب كل ذلك، إلا لعلمه بشؤم المعصية، وتضرره بها في الدنيا والآخرة، فكان فرحه بالتوبة، يوازي غمه بالمعصية، وقرب النبي ذلك المعنى لكعب ليشعر بعظيم فضل الله عليه، بقوله:«أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك» ، يسأل سائل: علم كعب توبة الله عليه بنزول الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما نحن فقد انقطع الوحي فكيف نعرف ذلك؟.
[أقول باختصار:]
علامات قبول توبة الله عليك تعرفها من نفسك، وما صرت إليه بعد التوبة، فإذا تركت أصحاب السوء الذين يأمرونك بمعصية الله، وتركت المكان الذي عصيت الله فيه، وكرهت أن تتكلم عن هذه المعصية أو يذكرك بها أحد، وإذا أقبلت على طاعة الله، وشعرت في قلبك بفرح ترك المعاصي، والإقبال على الله، رجوت قبول الله توبتك، وعليك أن تفرح بها بأن تتصدق وتسجد لله شكرا كما فعل كعب رضي الله عنه.
[الفائدة العاشرة:]
على جماعة المسلمين أن يفرحوا بتوبة أخيهم المسلم، ورجوعه إلى حظيرة الطاعة، كما رأينا ذلك جليّا في موقف الصحابة من كعب رضي الله عنهم أجمعين ويتبين ذلك من:
١- مسارعة الصحابة لإعلام كعب بتوبة الله عليه، حتى إن المبشر وقف على أعلى الجبل ينادي بأعلى صوته:(يا كعب بن مالك أبشر) ، ومن شدة فرحته، ما استطاع الانتظار إلى أن يقترب من كعب، فناداه قبل أن يلقاه.
٢- ذهاب الصحابة أفواجا، يهنئون كعبا وصاحبيه رضي الله عنهم، حتى إن طلحة بن عبيد الله لما رأى كعبا يدخل المسجد هرول إليه، ولم ينتظر مقدم كعب إليه، ويستفاد منه: جواز القيام إكراما لأصحاب الفضل والخير، خاصة في مناسبات الخير، والممنوع شرعا: أن نقف لمن يحب ذلك، ويطلبه من الناس، أو أن يعتاد الناس أن يقفوا لأحد الكبراء كلما دخل وخرج في المجلس الواحد.
٣- سرور الرسول البالغ بتوبة الله على عبده، حتى استنار وجهه كأنه قطعة قمر.
٤- هذا الفرح الواضح من جماعة الصحابة بتوبة الله على كعب وصاحبيه، إنما يدلنا