للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنت يوم القيامة، وتسعد به نبيك صلى الله عليه وسلم.

[الفائدة الثانية:]

ليس معنى أن لكل نبي دعوة مستجابة أنها دعوة واحدة فقط وبقية الدعوات لا تستجاب، ولكن المقصود أن لكل نبي دعوة عظيمة لا ترد، وبقية الدعوات يوكل أمرها إلى الله- سبحانه وتعالى- وليس بلازم أن تستجاب، فالأنبياء قد دعوا لأنفسهم بدعوات كثيرة قد استجيبت، وقد أوردت في هذا الكتاب دعوات للنبي صلى الله عليه وسلم وقد استجيبت كلها بفضل الله تعالى.

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله (قد استشكل ظاهر الحديث بما وقع لكثير من الأنبياء من الدعوات المجابة ولا سيما نبينا صلى الله عليه وسلم وظاهر الحديث أن لكل نبي دعوة مستجابة فقط، والجواب: أن المراد بالإجابة في الدعوة المذكورة القطع بها، وما عدا ذلك من دعواتهم فهي على رجاء الإجابة) «١» .

الفائدة الثّالثة:

من مات من أهل التوحيد لا يشرك بالله شيئا لم يخلد في النار، لما ورد في الحديث: «فهي نائلة إن شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا» . قال الإمام النووي رحمه الله: (فيه دلالة لمذهب أهل الحق أن كل من مات غير مشرك بالله تعالى لم يخلد في النار وإن كان مصرا على الكبائر) «٢» .

الفائدة الرّابعة:

قد يقول قائل: في الحديث دليل على أنه يمكن أن يخلد في النار- من الأمم السابقة من مات على التوحيد- من أصحاب الكبائر مثلا، لأنه لو كان مقررا أن كل من مات على التوحيد لم يخلد في النار ما كان هناك حاجة أن يخبئ النبي صلى الله عليه وسلم دعوته المستجابة لأمته يوم القيامة، ولكن يمكن أن يرد على هذا الاحتمال أن أهل التوحيد من أمته صلى الله عليه وسلم سيخرجون بفضل شفاعته من النار قبل استيفاء ما توجب عليهم من العذاب، بعكس من مات على التوحيد من الأمم السابقة فإنه قد يعذب بقدر سيئاته ولا يعجل له الخروج من النار.

١٨- حسن معاشرته صلى الله عليه وسلم لأزواجه:

عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان له جار مسلم يقول: «كنّا نتناوب النّزول على النّبيّ صلى الله عليه وسلم فينزل يوما وأنزل يوما فإذا نزلت جئته من خبر ذلك اليوم من الأمر وغيره، وإذا نزل فعل مثله، وكنّا معشر قريش نغلب النّساء، فلمّا قدمنا على الأنصار إذا هم قوم تغلبهم


(١) فتح الباري (١١/ ٩٦) .
(٢) شرح النووي على صحيح مسلم (٣/ ٧٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>