للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رضي الله عنهن- حيث نهاهم الله أن يسألهن المتاع- وهو ما احتيج إليه من أواني المنزل أو غيره وسائر المرافق من أمور الدنيا والآخرة- إلا من وراء ستر، وهذا الأدب إذا انضم إلى آداب دخول بيوت النبي صلّى الله عليه وسلّم تم عقد الآداب المرعية في التعامل مع بيوت النبي صلّى الله عليه وسلّم وأهل بيته الشريفات العفيفات، فاية واحدة علّمت الصحابة ما ينبغي لهم أن يفعلوه إذا دعوا إلى طعام أو إذا احتاجوا إلى متاع.

[بعض أقوال العلماء في الآية الكريمة:]

قال الإمام الطبري- رحمه الله تعالى-: (إذا سألتم أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم أو نساء المؤمنين متاعا فاسألوهن من وراء حجاب من وراء ستر بينكم وبينهن ولا تدخلوا عليهن البيوت) «١» .

وقال الإمام القرطبي- رحمه الله-: (في هذه الآية دليل على أن الله- تعالى- أذن في مسألتهن من وراء حجاب في حاجة تعرض أو مسألة يستفتين فيها، ويدخل في ذلك جميع النساء بالمعنى بما تضمنته أصول الشريعة من أن المرأة كلها عورة بدنها وصوتها، فلا يجوز كشف ذلك إلا لحاجة كشهادة عليها أو داء يكون ببدنها أو سؤالها عما يعرض وتعين عندها) . انتهى «٢» .

ولكن يبدو أن كشف وجه أمهات المؤمنين للشهادة محرم، بخلاف سائر نساء المؤمنين، ودليلي في ذلك أن جلّ الدين أخذ عنهن من وراء حجاب، والدين أعظم من الشهادة.

أما الإمام ابن كثير فقال: (أي وكما نهيتكم عن الدخول عليهن كذلك لا تنظروا إليهن بالكلية، ولو كان لأحدكم حاجة يريد تناولها منهن فلا ينظر إليهن ولا يسألهن حاجة إلا من وراء حجاب) .

وما ورد في كلام ابن كثير من تحريم النظر إليهن بالكلية، هو ما دفعني إلى اختيار عنوان الباب وهو الذي جعلني أعتقد بتحريم كشف وجوههن في الشهادة وغيرها بعكس ما قد يتجوز فيه بالنسبة لنساء المؤمنين.

وأعتقد أن هذا الرأي هو الذي كان يميل إليه الشيخ السعدي- رحمه الله تعالى- حيث قال: (وأما أدبهم معه في خطاب زوجاته، فإنه إما أن يحتاج إليه وإما لا يحتاج إليه، فإن لم يحتج إليه فلا حاجة إليه، والأدب تركه، وإن احتيج إليه كأن يسألن متاعا أو غيره


(١) انظر تفسير الطبري (٢٢/ ٣٩) .
(٢) انظر الجامع لأحكام القرآن (١٤/ ٢٢٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>