[الفائدة الرابعة:]
النصر على العدو لا يشترط فيه المنازلة والالتحام، بل قد يحدث دون التقاء الفريقين، فالله- سبحانه وتعالى- قد أرسل على الأحزاب ريحا جعلتهم ينسحبون من حول المدينة بدون منازلة، وقد سمى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك نصرا، ورد بالحديث: «نصرت بالصبا» .
٢١- تعظيم بيعته صلى الله عليه وسلم:
قال- تعالى-: إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّما يَنْكُثُ عَلى نَفْسِهِ وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً [الفتح: ١٠] .
[مظاهر تعظيم بيعته صلى الله عليه وسلم:]
١- جعل الله- تبارك وتعالى- بيعة النبي صلى الله عليه وسلم كالبيعة معه تبارك وتعالى، سواء بسواء، قال صاحب المنتخب: (إِنَّ الَّذِينَ يُبايِعُونَكَ أيها النبي بيعة الرضوان يوم الحديبية على الثبات في الجهاد وقتال قريش إِنَّما يُبايِعُونَ اللَّهَ) . وقال صاحب تفسير الزيد: (إن عقد الميثاق مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كعقده مع الله- سبحانه وتعالى- من غير تفاوت) .
ولتأكيد القرآن لهذا المعنى قال تعالى عند ذكر الثواب المترتب على الوفاء بهذه البيعة:
وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ. فقد جعل البيعة كلها عهدا معه- سبحانه وتعالى-.
٢- إثبات مباركة الله لهذه البيعة وأنه مطلع عليها وكذلك رضاه عنها، لقوله- تعالى-: يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ.
٣- ذكر تلك البيعة في القرآن العظيم في سياق المدح والثناء عليها.
٤- ترتيب أعظم الأجر والثواب لمن وفّى بتلك البيعة، قال تعالى: وَمَنْ أَوْفى بِما عاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً.
[بعض فوائد الآية الكريمة:]
[الفائدة الأولى:]
شرف النبي صلى الله عليه وسلم عند ربه- تبارك وتعالى- وعلو منزلته، حيث شرف بيعته صلى الله عليه وسلم من كل وجه كما رأينا.
[الفائدة الثانية:]
أن بيعة النبي صلى الله عليه وسلم ليست كالبيعة مع غيره- ممن يقوم مقامه- كالوالي والخليفة، فإن كانت مبايعة المؤمنين للسلطان عبادة، فلا شك أن مبايعة النبي صلى الله عليه وسلم أعظم وأشرف وأكثر بركة، والدليل على ذلك أن الله- تبارك وتعالى- أضاف البيعة إلى نفسه المقدسة.