[الفائدة السابعة عشرة: دروس وعبر مستفادة من الهجرة المباركة:]
وقد ذكرت تلك الفوائد على حسب ورودها بالحديث ليسهل الرجوع إليها:
١- يجب أن يكون أمر الدين عند المسلم أعظم من سلامة بدنه وماله، وأهم من ملازمة الأهل والأحباب والأرض التي ولد فيها، فإذا خاف المسلم على دينه وعجز أن يقيم شعائره، أو خاف على نفسه الفتنة، فعليه أن يرحل ويبحث عن أرض أخرى، يأمن فيها على نفسه ودينه، ورد في الحديث:«فلما ابتلي المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا نحو أرض الحبشة»«١» ، ولما سئل عن سبب هجرته قال:«أخرجني قومي فأريد أن أسيح في الأرض وأعبد ربي» .
٢- يجب أن يحرص الناس على وجود أهل الخير والعلم والفضل بين أظهرهم، ويعلموا أن وجودهم بينهم فيه أسباب الخير والبركة، بل والنجاة من الفتن، فهذا سيد القارة، وهو على غير ملة الإسلام، يرفض خروج أبي بكر الصديق رضي الله عنه من مكة، لا لشيء إلا لأنه من أهل الصلاح والتقوى، قال سيد القارة في الحديث:«فإن مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج، إنك تكسب المعدوم، وتصل الرحم، وتحمل الكلّ، وتقري الضيف، وتعين على نوائب الحق» .
ويتفرع عليه: أن يفرح أهل البلدة برحيل أهل الفسق والفجور من بين أظهرهم.
٣- ما كان عليه بعض كفار العرب من الإنصاف وشهادة الحق وعدم الخيانة، فهذا سيد القارة قد أثنى على أبي بكر رضي الله عنه أحسن الثناء وأجمله، وهؤلاء أهل مكة أبوا أن ينقضوا العهد مع سيد القارة بأمان أبي بكر ورد في الحديث قولهم لسيد القارة:«فسله أن يرد إليك ذمتك فإنا قد كرهنا أن نخفرك» ؛ أي: نغدر بك.
ويتفرع عليه: أن المسلمين أولى بالوفاء والالتزام بالعهود من غيرهم، قال. تعالى.:
٤. علم الكفار بما للقرآن من أثر عجيب على قلوب وعقول سامعيه، مما جعلهم يخافون على أهليهم وذويهم من سماع القرآن، ومن سمع منهم بقلب وعقل مقبل أعجب به غاية