ثالثّا: تأديب الأمة في التعامل مع النبي صلى الله عليه وسلّم
١- اداب الاستئذان منه صلى الله عليه وسلّم:
قال- تعالى-: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذا كانُوا مَعَهُ عَلى أَمْرٍ جامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ فَأْذَنْ لِمَنْ شِئْتَ مِنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمُ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٦٢) [النور: ٦٢] .
أمر الله- سبحانه وتعالى- عباده المؤمنين باداب الاستئذان من الرسول صلى الله عليه وسلّم إذا كانوا معه على أمر جامع، كصلاة جمعة أو عيد أو اجتماع في مشورة أو جهاد، وأنزل في ذلك اية كاملة من كتابه العزيز فيها توجيهات للمؤمنين وتوجيهات للنبي صلى الله عليه وسلّم تبين عظم قدر اجتماع النبي صلى الله عليه وسلّم بأصحابه رضي الله عنهم وأن الذهاب عنه يجب أن يكون باداب معينة ولحاجة مهمة، وهذه التوجيهات هي:
١- وجوب استئذان الصحابة رضي الله عنهم من الرسول صلى الله عليه وسلّم قبل الذهاب من عنده في حال كونهم معه على أمر تتطلب الضرورة، أو المصلحة أن يكونوا معه جميعا.
٢- ألا يكون الاستئذان إلا لشأن هام (وهو الشغل أو المصلحة) قال- تعالى-: فَإِذَا اسْتَأْذَنُوكَ لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ [النور: ٦٢] .
٣- للنبي صلى الله عليه وسلّم أن يأذن لمن شاء من أصحاب الأعذار، وله أن يرد من شاء بدون إذن.
يتفرع على ذلك، أن نعلم أن الله عزّ وجلّ أراد أن يربي هذه الأمة على العزيمة والطاعة المطلقة لولي الأمر، ويتمثل ذلك في عدم الإذن لكل مستأذن أن ينصرف.
٤- أمرت الآية النبي صلى الله عليه وسلّم أن يستغفر لمن استأذن من أصحاب الأعذار، والعجيب أن الآية وجهت النبي صلى الله عليه وسلّم أن يستغفر للمستأذن، ولم توجهه بأن يعتذر لمن لم يإذن له بالانصراف.
هذه هي التوجيهات الربانية للنبي صلى الله عليه وسلّم وأصحابه بخصوص الاستئذان،
[فوائد الآية]
أما فوائد الآية الكريمة فهي:
[الفائدة الأولى:]
تعظيم أمر استئذان الصحابة من الرسول صلى الله عليه وسلّم ويتبين ذلك في:
١- جعل الله تعالى الاستئذان من مقتضيات الإيمان بالله ورسوله، والعجيب أن يذكر ذلك قبل ذكر الاستئذان وبعده، فقبل ذكره قال تعالى: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ