للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رَسُولٍ إِلَّا لِيُطاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جاؤُكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّاباً رَحِيماً [النساء: ٦٤] .

الفائدة الرّابعة:

علم الصحابة رضي الله عنهم بشدة النبي صلى الله عليه وسلم في الحق يتبين ذلك من أمرين:

[الأمر الأول:]

قول عائشة رضي الله عنها: (إن قريشا أهمهم شأن المرأة المخزومية) ، أي: أقلقهم ولولا علمهم بشدته صلى الله عليه وسلم ما أقلقهم أمر المرأة.

[الأمر الثاني:]

بحثهم عن أحد يستطيع أن يفاتح النبي صلى الله عليه وسلم يكون مقربا منه جدّا، قالت عائشة: (فقالوا: ومن يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) .

١٣- شجاعته صلى الله عليه وسلم:

عن أنس رضي الله عنه قال: كان النّبيّ صلى الله عليه وسلم أحسن النّاس، وأشجع النّاس، ولقد فزع أهل المدينة ليلة فخرجوا نحو الصّوت، فاستقبلهم النّبيّ صلى الله عليه وسلم وقد استبرأ الخبر وهو على فرس لأبي طلحة عري، وفي عنقه السّيف، وهو يقول: «لم تراعوا، لم تراعوا» ثمّ قال: «وجدناه بحرا، أو قال: إنّه لبحر» «١» .

الشّاهد في الحديث:

قول أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس) .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

كمال شجاعته صلى الله عليه وسلم ويتبين ذلك من:

١- قول أنس رضي الله عنه: (كان النبي صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وأشجع الناس) ، أي: إن أنسّا لم ير في حياته، مع ما سمعه من سير الأولين، ومع ما شاهده من حروب وغزوات، من هو أشجع من النبي صلى الله عليه وسلم.

ولكن لماذا وصف أنس النبي صلى الله عليه وسلم هنا بقوله: (أحسن الناس) مع أن سياق الحديث عن الشجاعة، وأعتقد أنه قال ذلك، إما لكونه كان يحب أن يمدح النبي صلى الله عليه وسلم كلما سنحت له الفرصة، أو أنه كان رضي الله عنه يرى أن من لوازم كونه صلى الله عليه وسلم أحسن الناس، أن يكون أشجعهم، وأن الجبان لا يمكن أن يكون محمودا، أو في مصافّ من يحمد من الناس.

٢- أنه صلى الله عليه وسلم ذهب وحده ليستطلع الخبر الذي أفزعه وأفزع أهل المدينة، وما ذهب وحده


(١) البخاري، كتاب: الجهاد والسير، باب: الحمائل وتعليق السيف بالعنق، برقم (٢٩٠٨) ، ومسلم، كتاب: الفضائل، باب: في شجاعة النبي ... ، برقم (٢٣٠٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>