للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[أولا: تفضيله صلى الله عليه وسلم على سائر الأنبياء والمرسلين]

أ- تفضيله في الآخرة

١- الشفاعة العظمى:

قال تعالى: وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نافِلَةً لَكَ عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً [الإسراء: ٧٩] .

والمقام المحمود: هو المقام الذي يحمده فيه الخلائق كلهم جميعا (حتى الأنبياء) ، وهو مقام الشفاعة العظمى وقد تواترت بذلك الأحاديث الشريفة.

عن أبي هريرة قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بلحم، فرفع إليه الذّراع- وكانت تعجبه- فنهس منها نهسة، فقال: «أنا سيّد النّاس يوم القيامة وهل تدرون بم ذاك؟ يجمع الله يوم القيامة الأوّلين والآخرين في صعيد واحد، فيسمعهم الدّاعي، وينفذهم البصر، وتدنو الشّمس، فيبلغ النّاس من الغمّ والكرب ما لا يطيقون وما لا يحتملون، فيقول بعض النّاس لبعض: ألا ترون ما أنتم فيه؟ ألا ترون ما قد بلغكم؟ ألا تنظرون من يشفع لكم إلى ربّكم؟

فيقول بعض النّاس لبعض: ائتوا آدم.

فيأتون آدم فيقولون: يا آدم أنت أبو البشر، خلقك الله بيده ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟

فيقول آدم: إنّ ربّي غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه نهاني عن الشّجرة فعصيته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى نوح.

فيأتون نوحا فيقولون: يا نوح، أنت أوّل الرّسل إلى الأرض، وسمّاك الله عبدا شكورا، اشفع لنا إلى ربّك، ألا ترى ما نحن فيه؟ ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم: إنّ ربيّ قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنّه قد كانت لي دعوة دعوت بها على قومي، نفسي نفسي، اذهبوا إلى إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

فيأتون إبراهيم فيقولون: أنت نبيّ الله وخليله من أهل الأرض، اشفع لنا إلى ربّك ألا ترى إلى ما نحن فيه؟ ألا ترى إلى ما قد بلغنا؟ فيقول لهم إبراهيم: إنّ ربّي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولا يغضب بعده مثله، وذكر كذباته، نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري، اذهبوا إلى موسى.

فيأتون موسى صلى الله عليه وسلم فيقولون: يا موسى، أنت رسول الله، فضّلك الله برسالاته وبتكليمه

<<  <  ج: ص:  >  >>