للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولا: تعظيم أمر سنته صلى الله عليه وسلّم

١- السنة والقران بمنزلة واحدة:

قال- تعالى-: وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) [النجم: ٣، ٤] .

وسيأتي الكلام عن هاتين الآيتين الكريمتين. والشاهد فيهما أن القران والسنة بمنزلة واحدة وذلك في باب (تزكية لسانه صلى الله عليه وسلّم) .

٢- السنة محفوظة إلى يوم القيامة:

عن معاوية رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول: «لا تزال طائفة من أمتي قائمة بأمر الله لا يضرّهم من خذلهم، أو خالفهم حتّى يأتي أمر الله وهم ظاهرون على النّاس» «١» .

يؤخذ من الحديث، أن الله عز وجلّ قد تكفل بحفظ السنة كما تكفل بحفظ الذكر الحكيم، ولا يضيرنا أن هناك بعض الأحاديث المختلقة المنسوبة إلى الرسول صلى الله عليه وسلّم ما دام أن هناك رجالا قد قيدهم الله لتنقية هذه الأحاديث، ومعرفة الصحيح منها والضعيف والموضوع، والشاهد من الحديث: أن الله قد تكفل بحفظ السنة من جهتين:

[الجهة الأولى:]

أن هذه الطائفة التي ستبقى على الحق حتى يأتي أمر الله، هي في أشد الحاجة إلى السنة الصحيحة، فبدون السنة لا تستطيع أي فئة أن تثبت على الحق، وكيف يتأتى لها ذلك، والسنة هي التي خصصت عموم القران، وفصّلت مجمله، وقيّدت مطلقه، وشرحت حدوده، وأوضحت الناسخ منه والمنسوخ، فلن تستطيع هذه الفئة القائمة على الحق، أن تظهر وتستمر إلا بوجود السنة الصحيحة، فمن لوازم الحكم ببقاء هذه الفئة حفظ السنة النبوية؛ لأنهم كما أسلفنا يحتاجون إليها أشد الاحتياج.

[الجهة الثانية:]

أن ضياع السنة- ونعوذ بالله من وقوع ذلك- لو حدث فهو دليل على أن الأمة ليس فيها طائفة قائمة بأمر الله، تحفظ السنة في قلوبها وتطبقها في أعمالها، ويصدق هذا الحديث الذي ورد عن تميم الدّاريّ رضي الله عنه أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلّم قال: «الدّين النّصيحة» . قلنا:

لمن؟ قال: «لله، ولكتابه، ولرسوله، ولأئمة المسلمين، وعامّتهم» «٢» .

ومعنى النصيحة لرسوله، هي الدفاع عنه وحفظ سنته واتباع هديه، وهل يوجد مهمة


(١) مسلم، كتاب: الإمارة، باب: قوله صلى الله عليه وسلّم: لا تزال طائفة من أمتى ... ، برقم (١٠٣٧) .
(٢) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان أن الدين النصيحة، برقم (٥٥) .

<<  <  ج: ص:  >  >>