للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

اعتنى الله بأزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم إذ أمر الأمة جميعا- رجالها ونساءها، شبابها وشيخوخها، من عاصرهن ومن لم يعاصرهن، من سمع منهن العلم والدين ومن لم يسمع- أن يوقروهن توقير الأم، وما ذلك إلا لعظيم حقهن على جميع الأمة وعلو شرفهن بقربهن من نبي هذه الأمة صلّى الله عليه وسلّم.

[الفائدة الثالثة:]

نعلم من الآية عظيم حق الأم على أولادها، لأن الله- سبحانه وتعالى- لما أراد أن يوجهنا إلى توقير وإجلال أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم جعلهن أمهات لنا، ولو كان هناك أعظم من الأم، لجعل الله لأمهات المؤمنين مثل حقوقهن.

[الفائدة الرابعة:]

قد يطلق الحكم في القرآن أو السنة ولا يراد به جميع أفراد الحكم، ويعلم المفردات الداخلة في الحكم أو الخارجة عنه بالنظر فيما ورد بالكتاب أو السنة فيما يتعلق بهذا الحكم، وهي قاعدة عظيمة وهي التي تفرق بين عالم وآخر بل هي من أهم أسباب اختلاف العلماء فيما بينهم.

ودليل هذه القاعدة من الآية أن الله حكم أن أزواج النبي صلّى الله عليه وسلّم هن أمهات لنا في كل شيء، أي من حيث التوقير والإجلال وتحريم الزواج منهن.

وهل الخلوة بهن والنظر إليهن أمر مباح أيضا كما للأمهات من النسب؟ لا، فإنه يحرم الخلوة والنظر إليهن، علمنا ذلك من قوله تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ [الأحزاب: ٥٣] فهذه الآية قد خصصت آية الباب.

يتفرع عليه، أن من حكم الله العظيمة في هذا الدين أنه دين العلم والعلماء وأهل النظر الصحيح والفكر السليم، حيث لم يجعل الله- سبحانه وتعالى- الحكم الشرعي الواحد في موضوع محدد من الكتاب أو السنة يرد فيه كل ما يتعلق به من أحكام واستثناآت ومكملات ومكروهات، بل جعل ذلك متفرقا في مواضع كثيرة من القرآن والسنة. ومن الحكم العظيمة كذلك، حث المسلمين على طلب العلم وشحذ عقول العلماء على النظر في الأدلة والشواهد الشرعية، بل والاجتهاد إن لزم الأمر، كما يتفرع عليه حاجة عوام المسلمين لهؤلاء العلماء، وأنه لا غنى لهم عن سؤال أهل العلم والرجوع إليهم.

د- تحريم النظر إليهن بالكلية:

قال تعالى: وَإِذا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتاعاً فَسْئَلُوهُنَّ مِنْ وَراءِ حِجابٍ ذلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [الأحزاب: ٥٣] .

هذا أدب آخر علّمه الله- سبحانه وتعالى- للمؤمنين عند مخاطبتهن أمهات المؤمنين-

<<  <  ج: ص:  >  >>