للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خارقة، والتي منها أنه سيجوب البلاد كلها إلا المدينة ومكة؛ لرواية مسلم التي ذكرتها آنفا.

[الفائدة الخامسة:]

لم يقتصر الأمر على حفظ المدينة من وباء الطاعون، بل تعدى الأمر إلى تنقية أجوائها ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والذي ورد في حديث عائشة رضي الله عنها، الذي رواه البخاري وفيه: فلمّا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لقوا قال: «اللهمّ حبّب إلينا المدينة كحبّنا مكّة أو أشدّ، اللهمّ صحّحها وبارك لنا في صاعها ومدّها، وانقل حمّاها إلى الجحفة» «١» .

٥- فيها روضة من رياض الجنة:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنّة، ومنبري على حوضي» . [رواه البخاري] «٢» .

هذه هي أعظم خصوصيات المسجد النبوي الشريف- والذي تضم المدينة أرجاءه- وهو أن فيه روضة من رياض الجنة، فمن أراد أن يجلس في الجنة ويعاينها ويشم رائحتها الزكية، قبل أن يراها عيانا يوم القيامة- إن شاء الله تعالى- فلا يسعه إلا أن يشد الرحال إلى هذه البلدة المباركة، ويلتزم المكان الذي بين منبره وبيته صلى الله عليه وسلم.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

الحث على ملازمة الروضة الشريفة وكثرة الصلاة والذكر فيها ووجوب حبها وتعظيمها لشرفها على بقية البقاع، وهذا لا يتأتى- لمن هو خارج المدينة- إلا بشد الرحال إليها.

[الفائدة الثانية:]

منة الله العظيمة على نبيه صلى الله عليه وسلم؛ إذ جعل ما بين المكانين الذي كان صلى الله عليه وسلم كثيرا ما يتردد بينهما روضة من رياض الجنة، وهذا يدلل أيضا على شرف وبركة البقعتين الطاهرتين البيوت والمنبر، وأعتقد أن ذلك كان ببركة كثرة ملازمة النبي صلى الله عليه وسلم لها وبتلاوته فيهما آيات الله والحكمة، كما أن فيها امتنان الله العظيم على أمة الإسلام، إذ جعل لها بقعة مباركة في مسجد مبارك في بلد مبارك يتصبرون بها عن رؤية ودخول الجنة، بل ويتشوقون بكثرة ملازمتها إلى الجنة ونعيمها ولذاتها التي لا تحول ولا تزول.

[الفائدة الثالثة:]

ما المقصود بقوله صلى الله عليه وسلم: «روضة من رياض الجنة» . ذكر ابن حجر-


(١) البخاري، كتاب: المرضى، باب: من دعا بدفع الوباء والحمى، برقم (٥٦٧٧) .
(٢) البخاري، كتاب: الجمعة، باب: فضل ما بين القبر والمنبر، برقم (١١٩٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>