الفضل في يوم واحد؟ وهي منقبة عظيمة للسائب بن يزيد، وللأسف الشديد فإن كثيرا من المسلمين الآن يجهلون حتى اسمه.
٢- عظيم البركة التي حلت في حياة السائب بن يزيد، من يوم أن دعا له النبي صلى الله عليه وسلم، وعمره أقل من ثمان سنوات حتى بلغ الرابعة والتسعين من عمره، ونعتقد أن البركة حلت في عمله وصحته وماله، والدليل على ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالبركة، هكذا عامة، فشملت جميع أنواع البركة، حيث إن طول العمر بدون صلاح العمل وبركة المال، لا ينفع صاحبه، ويكفي للدلالة على ذلك أنه بلغ هذا السن وما زال يروي الحديث.
ونلفت انتباه القارئ الكريم إلى أن الصحة التي تمتع بها السائب بن يزيد مع طول عمر في قوة واعتدال، لم تكن معروفة في زمن الصحابة، وإلا ما قال التابعي، الجعيد بن عبد الرحمن: رأيت السائب بن يزيد ابن أربع وتسعين جلدا معتدلا، ولما برر السائب أسباب هذه القوة.
٣- حسن وفائه للنبي صلى الله عليه وسلم واعترافه بفضله بعد أن بلغ مثل هذا السن، لقوله:(لقد علمت ما متّعت به سمعي وبصري إلا بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) .
ويتفرع عليه، جواز نسبة النتائج إلى مسبباتها الظاهرة، ولا يحتاج الأمر في كل مرة أن نقول مثلا:(بفضل استجابة الله لدعاء النبي صلى الله عليه وسلم) خاصة إذا كان السامع يوقن تماما أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما دعا الله وحده، وأن الله سبحانه وتعالى هو مقدر كل شيء، وهو وحده الذي يسمع الدعاء ويجيب النداء، وأنه لا يقدر أحد غيره على إيصال نفع أو دفع ضر.
[الفائدة الثالثة:]
ما كان عليه الصحابة، رضي الله عنهم، من الحرص على الخير لهم ولمن يعولون، لقول السائب:(إن خالتي ذهبت بي ليلة فقالت: يا رسول الله إن ابن أختي شاك فادع الله له) ، مع يقينهم الراسخ بنبوة النبي صلى الله عليه وسلم، وأن الله عز وجل يستجيب له كل دعاء في المسلمين.
ويظهر من ذلك أيضا عقيدتهم الصافية في علمهم أن المدعو هو الله وحده لقولها:
(فادع الله له) ، فقد تعلموا أن على العبد الدعاء وعلى الله الإجابة، وأن الناس تتفاوت في استجابة الله سبحانه وتعالى لدعائهم بقدر ما عندهم من الإيمان وشدة اليقين والتقرب إلى الله بما يحب من الطاعات، ولولا علمهم بذلك ما ذهبوا للنبي صلى الله عليه وسلم بطلب الدعاء، ولدعوا لأنفسهم، ولا يعني هذا أن المسلم لا يدعو لنفسه خاصة بعد انقضاء زمن النبوة