للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفائدة السابعة:]

اختلف العلماء في هذه الفئة، فقيل: هم أهل الحديث، وقيل: هم أهل الجهاد، وقيل: هم العلماء، وقيل: هم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر، وأرى أن المقصود من هذه الفئة هم هؤلاء جميعا لأن الدين لا يقوم إلا بهم مجتمعين، وكل منهم على ثغر من ثغور الإسلام.

٥- أمة يعلّمها الروح الأمين:

عن عمر بن الخطّاب قال: بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثّياب شديد سواد الشّعر، لا يرى عليه أثر السّفر، ولا يعرفه منّا أحد، حتّى جلس إلى النّبيّ صلى الله عليه وسلم فأسند ركبتيه إلى ركبتيه، ووضع كفّيه على فخذيه وقال: «يا محمّد أخبرني عن الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام أن تشهد ألاإله إلا الله وأنّ محمّدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم الصّلاة، وتؤتي الزّكاة، وتصوم رمضان، وتحجّ البيت إن استطعت إليه سبيلا» . قال: صدقت. قال: فعجبنا له يسأله ويصدّقه. قال: فأخبرني عن الإيمان، قال:

«أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشرّه» . قال: صدقت.

قال: فأخبرني عن الإحسان، قال: «أن تعبد الله كأنّك تراه فإن لم تكن تراه فإنّه يراك» . قال:

فأخبرني عن السّاعة، قال: «ما المسئول عنها بأعلم من السّائل» . قال: فأخبرني عن أمارتها، قال: «أن تلد الأمة ربّتها، وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشّاء يتطاولون في البنيان» . قال:

ثمّ انطلق فلبثت مليّا، ثمّ قال لي: «يا عمر أتدري من السّائل؟» قلت: الله ورسوله أعلم، قال: «فإنّه جبريل، أتاكم يعلّمكم دينكم» . رواه مسلم «١» .

[الشاهد في الحديث:]

أن جبريل عليه السلام، وهو أمين وحي السماء، وهو- بالإجماع- أفضل الملائكة وأعظمها، ولذلك اختصه الله- عز وجل- بأعظم الوظائف وأجلّ المهام، وهي تبليغ الوحي للرسل صلوات الله وسلامه عليهم جميعا، وقد وصفه الله- سبحانه وتعالى- في القرآن بصفات عظيمة فقال في حقه: نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ [الشعراء: ١٩٣] ، وقال: ذِي قُوَّةٍ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ مَكِينٍ [التكوير: ٢٠] ، وقال: ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوى [النجم ٦] ، أقول: الشاهد أن هذا الملك العظيم، جاء يعلم هذه الأمة أمر دينها، ففي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: «فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم» ، وهذا غاية اعتناء المولى- عز وجل- بهذه الأمة.


(١) مسلم، كتاب: الإيمان، باب: بيان الإيمان والإسلام والإحسان، برقم (٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>