للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما علاج الكبر، فهو كبقية المعاصي، على المتلبس بها:

أن يتذكر عقوبتها، وأن يتدبر ما رواه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يطوي الله عزّ وجلّ السّماوات يوم القيامة، ثمّ يأخذهنّ بيده اليمنى، ثمّ يقول: أنا الملك، أين الجبّارون؟ أين المتكبّرون؟ ثمّ يطوي الأرضين بشماله، ثمّ يقول: أنا الملك أين الجبّارون؟ أين المتكبّرون؟» «١» .

فيتأمل كيف ينادي الجبار عزّ وجلّ يوم القيامة، وقد غضب غضبا لم يغضب قبله مثله أبدا، ولن يغضب بعده مثله أبدا، فيقول: أين الجبارون أين المتكبرون؟ هل ينادي عليهم نداء رضى وحبّ؟ أم نداء سخط وغضب؟ وكيف أن الله- تعالى- قرن المتكبرين بالجبارين؟ وكيف أنه لم يناد على أحد غيرهم؟ وكأنهم أعظم الناس ذنوبا، كيف لا؟ وهم الذين نازعوا الله في صفة ما يحب أن ينازعه فيها أحد أبدا، وهي صفة الكبرياء بحقّ التي هي من أعظم صفات الكمال لذي الجلال والإكرام. وعلى من يريد أن يطهّر نفسه من تلك الصفة القبيحة أن يفعل الأمور الآتية:

أ- أن يتوب إلى الله تعالى من هذا الفعل توبة نصوحا.

ب- أن يعتاد مصاحبة الأخيار، ومساعدة الفقراء، ومد يد العون للمساكين.

ج- وأن يكثر من السلام على من يعرف ومن لا يعرف.

د- وأن يتواضع للخدم وأن يأكل معهم بين الفينة والآخرى.

هـ- وأن يبتهل إلى الله عزّ وجلّ بالدعاء أن يعافيه من هذا المرض العضال.

[الفائدة السابعة:]

في الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحرص على تعليم الأمة كلّ أمور دينها حتى آداب الأكل، قال الحافظ ابن حجر- رحمه الله-: (وفيه الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في كل حال حتى في حال الأكل واستحباب تعليم الآكل آداب الأكل إذا خالفه) «٢» .

ومثاله: ما رواه البخاري عن عمر بن أبي سلمة قال: كنت غلاما في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت يدي تطيش في الصّحفة، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يا غلام سمّ الله، وكل بيمينك، وكل ممّا يليك» فما زالت تلك طعمتي بعد «٣» . فالنبي صلى الله عليه وسلم لم يترك الغلام ويقول:


(١) مسلم، كتاب: صفة القيامة والجنة والنار، برقم (٢٧٨٨) .
(٢) انظر «فتح الباري» (٩/ ٥٢٣) .
(٣) البخاري، كتاب: الأطعمة، باب: التسمية على الطعام والأكل باليمين، برقم (٥٣٧٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>