الحادثة وليس عند الحادثة، ولكن كان سيفوت على الأمة كل تلك الدروس والعبر التي تعلمناها من هذا الحدث.
[الدرس الخامس والثلاثون: استحباب الشهادة قبل الكلام]
، لقول عائشة رضي الله عنها:(فتشهد) ، أي نطق بالشهادتين.
[الدرس السادس والثلاثون: بدأ النبي كلامه بعد التشهد بقوله:]
«يا عائشة» ، فاستخدم حرف النداء ليسترعي انتباه عائشة، ثم ذكر اسمها ليعلمها أنه لم يهجرها ولم يهجر اسمها، ولو أنه عنفها من أول الحديث فقد تفقد صوابها، ولا تستطيع الرد الصحيح المؤدب، فاللطف في القول أولى ولو كان في مثل هذا الحدث الجلل، حتى يتبين الحق.
[الدرس السابع والثلاثون: عدم إلقاء التهم بغير بينة]
وتقديم حسن الظن، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«يا عائشة، فإنه بلغني عنك كذا وكذا» ، ولم يقل لها: أنت فعلت كذا وكذا، وهذا من عظيم التربية والخلق الحميد، ثم قال:«فإن كنت بريئة» ، فقدم حسن الظن خاصة أنه ليس ثمة دليل، ثم واساها إن كانت بريئة، وأمّلها في رحمة الله بصيغة الجزم لا التعليق، وهذا من حسن ظنه بالله وثقته به فقال:«فسيبرئك الله» ، ومن عظيم أدبه صلى الله عليه وسلم أنه لم يصرح بما يقول الناس، بل قال في كلام عفيف:«وإن كنت ألممت بذنب» ، ثم نصحها ووجّهها بما يتوجب عليها إن فعلت شيئا، فقال لها:«فاستغفري الله وتوبي إليه» ، ثم أملها في رحمة الله الواسعة فقال لها:«فإن العبد إذا اعترف بذنبه ثم تاب تاب الله عليه» ، واختار صلى الله عليه وسلم الستر على الفضيحة، فلم يقدم لها سؤالا محددا حتى لا يحرجها ويفضحها إن هي اقترفت- ونعوذ بالله من ذلك- فلم يقل لها:(أفعلت) .
أرأيتم عظيم أدبه وفضل إحسانه وحسن معاشرته، مع ما لاقاه صلى الله عليه وسلم طيلة شهر، وانظر ما أعطاه الله من جوامع الكلم، فتكلم بعبارات قصيرة تحمل معاني كثيرة.
الدرس الثامن والثلاثون: كلام الناس- خاصة إذا كان في الأمور العظيمة
- له تأثير كبير على القلوب، كالسحر في بعض الأحيان. انظر كيف سأل النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وهي الطاهرة المطهرة عن برائتها، وذلك لتأثر قلبه بما يقول الناس، بالرغم من أن الذي روج للشائعة هو رأس المنافقين في المدينة.
[الدرس التاسع والثلاثون: جواز أن يؤكد الإنسان كلامه]