للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند أبيه إبراهيم عليه الصلاة والسلام، يتبين ذلك من صيغة الدعاء وكيفية استجابة الله له ونجمل ذلك فيما يلي:

١- استفتح إبراهيم صلى الله عليه وسلم دعاء بلفظ رَبَّنا استدرارا لرحمات الله تبارك وتعالى وأنه بمقتضى ربوبيته لخلقه التي تستلزم الرعاية والتربية والهداية يبعث في الأمة مثل هذا الرسول الكريم. وقد حذف الخليل من دعائه حرف النداء (يا) إشعارا بقربه من الرب جل في علاه.

٢- اختار إبراهيم صلى الله عليه وسلم لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أشرف نسب على وجه الأرض، وهي ذرية إسماعيل عليه السلام، قال صاحب التفسير الميسر في تفسير الآية: (ربنا وابعث في هذه الأمة رسولا من ذرية إسماعيل يتلو عليهم آياتك ويعلمهم القرآن والسنة ويطهرهم من الشرك وسوء الأخلاق) .

٣- اختار إبراهيم صلى الله عليه وسلم لختم الدعاء- وهذا من فقهه وعلمه- اسمين كريمين يتوسل بهما إلى الله تعالى لتحقيق دعائه على أحسن ما يكون، وهو العزيز الحكيم، فبعزته تبارك وتعالى أرسل رسولنا الكريم ونصره وأيده بالآيات الباهرات، الكونية والشرعية، فأظهر دينه على كل الأديان والملل والنحل، وبمقتضى حكمته تبارك وتعالى اختار خير خلقه أجمعين ليحقق به دعوة الخليل صلى الله عليه وسلم. قال عز من قائل: اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ [الأنعام: ١٢٤] .

٤- من فضله ومنته تبارك وتعالى أن أجاب دعوة إبراهيم صلى الله عليه وسلم على أحسن ما يكون، بل زاد عليها، بأن جعل النبي المبعوث شاهدا ومبشرا ونذيرا، وجعله خير الأولين والآخرين، وختم به سلسلة الأنبياء والمرسلين.

[الفائدة الثانية:]

كان دعاء الخليل صلى الله عليه وسلم والذي استجابه الله تبارك وتعالى على أحسن ما يكون، خير تزكية لنبينا عليه الصلاة والسلام من قبل بعثته بقرون طويلة، يتبين ذلك من:

١- أنه يكفيه صلى الله عليه وسلم شرفا ورفعة أن تكون بعثته ببركة دعاء خير الأنبياء- بعد نبينا صلى الله عليه وسلم- الخليل إبراهيم صلى الله عليه وسلم.

٢- أنه صلى الله عليه وسلم سيأتي بكتاب يتعبّد لله تبارك وتعالى بتلاوته، وهو الذي سيعلم الأمة قرآنه ويعلمهم تلاوته، كما سيعلمهم السنة الشريفة، جاء في دعاء الخليل يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ [البقرة: ١٢٩] والحكمة هي السنة الشريفة، راجع ما قاله صاحب

<<  <  ج: ص:  >  >>