٧- أنه ما كان يتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلّم إلا لعذر، لأن النبي صلى الله عليه وسلّم لما افتقده قال لسعد بن معاذ كما في رواية مسلم:«يا أبا عمرو ما شأن ثابت اشتكى؟» .
[الفائدة الثالثة:]
١- رجاحة عقول الصحابة رضي الله عنهم وكراهيتهم أن يتلبسوا بهيئة الرجل الذي وقع في المعصية، ولو كان على سبيل الرواية، وذلك من شدة كراهيتهم للمعاصي، ودليله من الحديث عدول الراوي عن نقل كلام ثابت بن قيس رضي الله عنه بصيغة المتكلم بل قال:(شر، كان يرفع صوته فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلّم فقد حبط عمله وهو من أهل الأرض) ، وهذا الالتفات كثير في السنة النبوية الشريفة.
ويتفرع عليه سفاهة عقل وسوء أدب من يقع في المعاصي ويحكيها بصيغة المتكلم، بل ويتباهى بها، وهذا يدلنا على البون الشاسع بين الصحابة رضي الله عنهم وبيننا.
٢- تعظيم الصحابة رضي الله عنهم لأمر الجنة، حيث وصف الراوي قول النبي صلى الله عليه وسلّم:«إنك لست من أهل النار ولكن من أهل الجنة» ، بالبشرى ووصف تلك البشرى بالعظيمة.
[الفائدة الرابعة:]
هذا الحديث يدل قطعا على أن اية الباب إنما نزلت في حق من يرفعون أصواتهم فوق صوت النبي صلى الله عليه وسلّم من غير قصد سوء الأدب، ودليله أن ثابت بن قيس رضي الله عنه حمل الآية على نفسه وهو قطعا ما كان يرفع صوته بسوء أدب مع النبي صلى الله عليه وسلّم ولذلك قال القرطبي ما نصه:(وليس الغرض برفع الصوت ولا الجهر ما يقصد به الاستخفاف والاستهانة، لأن ذلك كفر والمخاطبون مؤمنون)«١» .
[الفائدة الخامسة:]
كل من ارتكب المعاصي ولم يتب منها فهو في شر، حتى يرجع إلى الله سبحانه وتعالى- مهما بلغت منزلته؛ لأن ثابت بن قيس، وهو صحابي جليل لما سأل عن حاله قال:(شر) وبلغ ذلك النبيّ صلى الله عليه وسلّم ولم ينكره، كما يؤخذ منه أن المعاصي شر، وبذلك تكون الطاعات- التي هي ضد المعاصي- كلها خير، لما تسببه للعبد من سعادة في الدنيا والآخرة.
٤- تحريم التقديم بين يديه صلى الله عليه وسلّم:
قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (١)[الحجرات: ١] . الشاهد في الآية: