للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والله، إن ذلك لمن دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم ولكن الظالمين بايات الله يجحدون.

الفائدة الثّالثة:

الزهد في الدنيا أولى وأحب إلى الله- عز وجل- من الترف، ولو كان المسلم قادرا على الترف، لأن النبي صلى الله عليه وسلم اختار الدنيا على الآخرة، وما برّر ذلك بقلة المال ولكن برره بقوله: «يا ابن الخطاب أما ترضى أن تكون لنا الآخرة ولهم الدنيا» .

١٢- شدته صلى الله عليه وسلم في الحق

عن عائشة رضي الله عنها أنّ قريشا أهمّهم شأن المرأة المخزوميّة الّتي سرقت فقالوا:

ومن يكلّم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا: ومن يجترئ عليه إلّا أسامة بن زيد حبّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلّمه أسامة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟» ، ثمّ قام فاختطب ثمّ قال: «إنّما أهلك الّذين قبلكم أنّهم كانوا إذا سرق فيهم الشّريف تركوه، وإذا سرق فيهم الضّعيف أقاموا عليه الحدّ، وايم الله لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها» «١» . [متفق عليه] .

الشّاهد في الحديث:

قول النبي صلى الله عليه وسلم: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟» ، وقوله: «لو أنّ فاطمة بنت محمّد سرقت لقطعت يدها» .

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في الشمائل النبوية:

١- شدته صلى الله عليه وسلم في الحق يتبين من رده صلى الله عليه وسلم شفاعة أسامة بن زيد رضي الله عنه حبّه وابن حبّه، وقال صلى الله عليه وسلم مقولته المشهورة: «أتشفع في حدّ من حدود الله؟» ، وقد ورد عند مسلم: (فكلمه فيها أسامة بن زيد فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ، فمع أن الشافع هو رجل من أحب الناس للنبي صلى الله عليه وسلم اختاره الصحابة بعناية لهذه المهمة، ولكن الأمر لم يختلف عنده صلى الله عليه وسلم كما ظن الصحابة فلم ينظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى من هو الشافع، ولكن نظر إلى المشفوع فيه، وهو حد من حدود الله. وفي هذا دليل على تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم لحدود الله، وهكذا يجب أن يكون جميع الناس حكاما ومحكومين.


(١) البخاري، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: حديث الغار، برقم (٣٤٧٥) ، مسلم، كتاب: الحدود، باب: قطع السارق الشريف ... ، برقم (١٦٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>