للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

تختلف الصدقة عن الهدية في الأمور التالية:

١- تخرج الزكاة لتطهير مال الغني، قال تعالى: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِها وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ [التوبة: ١٠٣] ، أما الهدية فتخرج لكسب ودّ الناس وحبهم.

٢- من يستحق الزكاة من المسلمين هم الفقراء والمصارف الآخرى التي ذكرها القرآن، أما الهدية فتخرج للفقراء والأغنياء على حد سواء.

٣- الزكاة فريضة على كل مسلم غني، قد يدفعها المسلم بغير طيب نفس ولكن بغرض أداء الواجب أو خوف السلطان، أما الهدية فهي ليست واجبة على العبد، فالأصل أنه يخرجها عن طيب نفس.

٤- قد يشعر الغني بمنة على الفقير عند إعطائه الزكاة، أما الهدية فلا.

٥- أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقاتل الناس إذ هم منعوا زكاة أموالهم، روى البخاري في صحيحه عن ابن عمر أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «أمرت أن أقاتل النّاس حتّى يشهدوا ألاإله إلّا الله وأنّ محمّدا رسول الله، ويقيموا الصّلاة، ويؤتوا الزّكاة: فإذا فعلوا ذلك عصموا منّي دماءهم وأموالهم إلّا بحقّ الإسلام وحسابهم على الله» «١» . وهذا غير موجود في الهدية.

لهذه الأسباب أو لبعضها حرّم الله على الأنبياء- عليهم جميعا الصلاة والسلام- الأكل من الصدقات والزكوات.

ويتفرع عليه: إرادة الله تعالى حفظ أعراض أنبيائه وصون ماء وجوههم، وأن تكون أيديهم هي العليا.

[الفائدة الثانية:]

ليس التضييق على العباد في أمور أو أحكام معينة معناه أن الله عز وجل لا يحبهم، فهؤلاء هم خير الخلق أجمعين، ضيق الله عليهم بتحريم أكلهم من الصدقة حبّا لهم وإعلاء لشأنهم.

[الفائدة الثالثة:]

بيان ورعه صلى الله عليه وسلم حيث كان يسأل عن الطعام قبل أن يأكله، قال الإمام النووي- رحمه الله-: (فيه استعمال الورع والفحص عن أصل المأكل والمشرب) «٢» .


(١) رواه البخاري، كتاب الإيمان، باب: فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ، برقم (٢٥) .
(٢) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٧/ ١٨٤) .

<<  <  ج: ص:  >  >>