للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والجهاد، رضى سلم به النبيّ صلّى الله عليه وسلّم من المساءلة أو اللوم على عدم إيمان من تولى، قال تعالى:

فَما أَنْتَ بِمَلُومٍ أي عن توليهم وكفرهم، فقد أديت الأمانة وبلغت الرسالة، فرفعت عنك الملامة.

الفائدة الثّالثة:

في الآية تسرية عن النبي صلّى الله عليه وسلّم، بإبلاغه أن عدم إيمان من آمن لا يرجع إلى تقصير منه صلّى الله عليه وسلّم حيث لو كان التقصير لكانت الملامة.

الفائدة الرّابعة:

يؤخذ من الآية أيضا أن أجره صلّى الله عليه وسلّم يكون له يوم القيامة كاملا موفورا غير منقوص، لأنه صلّى الله عليه وسلّم لن يؤاخذ بعدم إيمان من لم يؤمن أو تقصير من قصر من المؤمنين. حيث إنه صلّى الله عليه وسلّم لم يفرط، فإذا انضم إلى ذلك أن أجور حسنات كل أمته في ميزانه- من دون نقص في أجورهم- لأنه صلّى الله عليه وسلّم هو الذي دلهم على كل خير، ونهاهم عن كل شر، علمنا ما أعده الله- عز وجل- لرسوله صلّى الله عليه وسلّم من جزيل الثواب وعظيم العطاء، فلله الحمد ربنا في الأولى والآخرة على ما أنعم على عبده وتفضل.

[الفائدة الخامسة:]

في الآية الكريمة توجيه للعلماء والدعاة إلى الله أن عليهم ألا يبالوا بمن أعرض عن دعوتهم، إذا أخلصوا النية وصدقوا الله- عز وجل- في دعوتهم، وأنّ تولّي من تولّى عنهم يجب ألايثبط عزائمهم أو يثنيهم عن أمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، فقد تولى الناس من قبل عمن هو أفضل منهم في الدعوة وأخلص منهم في النية، وهو النبي صلّى الله عليه وسلّم، كما أن في الآية أيضا ترهيبا للعلماء والدعاة إلى الله- عز وجل- إن هم قصروا ولم يخلصوا حيث إن اللوم والعتاب سيتوجه إليهم من الله- عز وجل-.

٣٢- تسلية الله- عز وجل- لرسوله صلّى الله عليه وسلّم

المقصود بتسلية الله- عز وجل- رسوله صلّى الله عليه وسلّم هو أن الله يذكر له كل ما من شأنه أن يخفف عنه حزنه وغمه وهمه، فيصبّره على تكذيب عدوه وعناده، وتوليه عن سماع كلامه صلّى الله عليه وسلّم، بتعليمه الأسباب الباعثة لهم على ذلك كالجحود والاستكبار وموت القلوب، مع تطمينه أنه صلّى الله عليه وسلّم لم يقصر أبدا في الدعوة إلى الله- عز وجل- وإبلاغ الحق إلى الخلق. وأن الله تبارك وتعالى- ناصره، ومعلي شأنه، ومعذب من عاداه وآذاه، وسنأتي إن شاء الله تعالى على بعض أنواع التسلية الموجودة في الكتاب الكريم، ولا يفوتني أن أقول: إن إثبات تسلية الله تبارك وتعالى نبيّه صلّى الله عليه وسلّم هي أعظم مظاهر حب الله له، خاصة إذا علمنا أن هذه التسلية قد شملت جميع الأنواع.

<<  <  ج: ص:  >  >>