للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولك أخي القارئ أن تتخيل بركة هذا الدعاء في آخرة أنس، وماذا أعد الله له من الثواب العظيم، فإذا كان بركة الدعاء جاءت على هذا الوجه في الدنيا- وهي دار وضيعة عند الله- فمن باب أولى أن يبلغه الدعاء في الآخرة على أكمل ما يكون، ويكفيه أن سيكون له أكثر من مائة وعشرين ابنا، نرجو الله عز وجل أن يكونوا فرطه على الحوض، أرأيتم فضل خادم النبي صلى الله عليه وسلم في الدنيا والآخرة.

٧- حفظ أنس رضي الله عنه لسنة النبي صلى الله عليه وسلم، وحرصه على نشرها وتفقد أحواله التي تثبت تحقق دعاء النبي صلى الله عليه وسلم والذي هو من دلائل نبوته، علمنا ذلك لأنه بعد عدة عقود- وقد بلغ أكثر من مائة عام- يحدث حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ويقول فيه: (فإني لمن أكثر الأنصار مالا وحدثتني ابنتي أمينة أنه دفن لصلبي مقدم حجاج البصرة بضع وعشرون ومائة) ونستفية أيضا من الحديث كيف بارك الله سبحانه وتعالى لأنس في صحته، حتى يكون له مثل هذا العدد من الأولاد والأحفاد، وفي عقله حتى يقص علينا من أخبار النبي صلى الله عليه وسلم رغم تعديه المائة عام.

ومن تعجّب من حفظ أنس لكل تلك الأحاديث النبوية، وروايته لها كما سمعها لم يبدل منها شيئا حتى بعد تعديه مائة عام، فليقرأ ما (رواه البخاري) ، عن الأعرج عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: يقولون: إنّ أبا هريرة يكثر الحديث، والله الموعد، ويقولون:

ما للمهاجرين والأنصار لا يحدّثون مثل أحاديثه، وإنّ إخوتي من المهاجرين كان يشغلهم الصّفق بالأسواق، وإنّ إخوتي من الأنصار كان يشغلهم عمل أموالهم، وكنت امرأ مسكينا ألزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على ملء بطني؛ فأحضر حين يغيبون، وأعي حين ينسون، وقال النّبيّ صلى الله عليه وسلم يوما: «لن يبسط أحد منكم ثوبه حتّى أقضى مقالتي هذه ثمّ يجمعه إلى صدره فينسى من مقالتي شيئا أبدا» فبسطت نمرة ليس عليّ ثوب غيرها حتّى قضى النّبيّ صلى الله عليه وسلم مقالته ثمّ جمعتها إلى صدري، فو الّذي بعثه بالحقّ ما نسيت من مقالته تلك إلى يومي هذا والله لولا آيتان في كتاب الله ما حدّثتكم شيئا أبدا: إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ ما أَنْزَلْنا مِنَ الْبَيِّناتِ وَالْهُدى إلى قوله: الرَّحِيمُ [البقرة: ١٥٩- ١٦٠] «١» .

[الفائدة الثالثة:]

الأمر بعدم تعريض الطعام للتلف، وذلك بوضعه في الإناء أو المكان الذي يحفظه، وهو فرع من حفظ المال وهذا الأمر للوجوب لقوله صلى الله عليه وسلم: «أعيدوا سمنكم


(١) رواه البخاري، كتاب المزارعة، باب: ما جاء في الغرس، برقم (٢٣٥٠) .

<<  <  ج: ص:  >  >>