ثامنّا: دفع شبهات وأكاذيب الكفار حوله صلّى الله عليه وسلّم:
١- تكذيب ادعائهم إضلاله صلّى الله عليه وسلّم لهم:
قال تعالى على لسان الكفار أنهم قالوا: إِنْ كادَ لَيُضِلُّنا عَنْ آلِهَتِنا لَوْلا أَنْ صَبَرْنا عَلَيْها وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا [الفرقان: ٤٢] .
ادعى الكفار أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كاد أن يكون السبب في إضلالهم وصرفهم عن عبادة الأوثان، فدفع الله هذا الادعاء الكاذب، بإثبات أنهم سوف يرون العذاب، وما داموا سيرون العذاب، علمنا أنهم هم الذين على ضلال، وأن النبي صلّى الله عليه وسلّم هو الذي على الحق المبين، قال الشيخ السعدي- رحمه الله- في تفسيره للآية:«إن كاد- هذا الرجل- ليضلنا عن آلهتنا- بأن يجعل الآلهة إلها واحدا- لولا أن صبرنا عليها- لأضلنا- أي زعموا- قبحهم الله- أن الضلال هو التوحيد، وأن الهدي ما هم عليه من الشرك فلهذا تواصوا بالصبر عليه، قال- تعالى-: وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلى آلِهَتِكُمْ [ص: ٦] . انتهى «١» .
[بعض فوائد الآية الكريمة:]
[الفائدة الأولى:]
اجتهاد النبي صلّى الله عليه وسلّم غاية الاجتهاد في ثني الكفار عن عبادة الأوثان، حتى أو شك أن يفعل ذلك لولا تواصيهم بالصبر على عبادة الأوثان، وما قاله المشركون من أن النبي صلّى الله عليه وسلّم كاد أن يضلهم هو أبلغ الثناء على النبي صلّى الله عليه وسلّم من حيث أرادوا ذمه صلّى الله عليه وسلّم، وهذا هو المنتهى في الغباء من الكفار.
[الفائدة الثانية:]
إذا كان الكفار قد تواصوا فيما بينهم بالصبر على عبادة الأوثان، وهو ضلال بيّن لكل عاقل، فمن باب أولى أن يتواصى المسلمون بالصبر على الحق البين الذي هم عليه.
[الفائدة الثالثة:]
يرى الناس- كلهم جميعا- يوم القيامة الحق حقّا، والباطل باطلا، وتزول عن أعينهم الغشاوات التي كانت تحول بينهم وبين رؤية الحق، ودليله من الآية قوله تعالى: وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلًا.