بادئ ذي بدء أود أن أقر أمرا هامّا ينبغي على كل أحد أن يعلمه ويضعه نصب عينيه ألا وهو أن خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم تنقسم إلى فروع كثيرة ونواح شتى وأذكر هنا أربعة أصناف يندرج تحتها بقية الأنواع من وجه أو من آخر، وتلك الأربعة هي:
الأول: فيما اختص به صلى الله عليه وسلم من الفضائل والكرامات، وهذا الصنف له أربعة أقسام:
١- خصوصيات في فضائله وكرامات في ذاته المباركة في الدنيا.
٢- خصوصيات في فضائله وكرامات في ذاته في الآخرة.
٣- خصوصيات في فضائله وكرامات في أمته وشريعته في الدنيا.
٤- خصوصيات في فضائله وكرامات في أمته وشريعته في الآخرة. بأن جعل أمته شهداء على الناس يوم القيامة.
الثاني: فيما اختص به صلى الله عليه وسلم من المباحات والتخفيفات، وذلك تعظيما له وكرامة بأن فعل المباحات لا يلهيه عن واجبات الرسالة، وهذا أكثر ما تراه وتجده يكون في أمور الزواج والنكاح.
الثالث: فيما اختص به صلى الله عليه وسلم من المحرمات وذلك تكرمة له، كما قال ابن الملقن:(فإن أجر ترك المحرم أكثر من أجر ترك المكروه وفعل المندوب، إذ المحرم في المنهيات كالواجب في المأمورات)«١» . وذلك مثل الزكاة فإنها محرمة عليه صلى الله عليه وسلم وكذلك الصدقة، وكذلك حرم عليه إذا لبس عدة الحرب (لأمته) أن ينزعها حتى يلقى عدوه ويقاتله.
الرابع: فيما اختص صلى الله عليه وسلم به من الواجبات. والحكمة في ذلك رفع الدرجات وزيادتها، حيث إن الفريضة أفضل من النافلة اتفاقا. وذلك مثل وجوب قضائه صلى الله عليه وسلم دين من مات من المسلمين معسرا، وذلك عند وجود السعة، كما ورد في الصحيحين.
وبعد ذكر هذا التقسيم أنبه إلى أنني لم ألتزم هذا الترتيب في كتابي؛ وذلك أني قد أجد الخاصة من خصائصه تشتمل على أكثر من صنف مما سبق فاثرت أن أورد الخصائص بدون الترتيب السابق الذكر، وإنما ذكرت هذا الترتيب بداية حتى يستحضر المسلم أنواع خصائصه صلى الله عليه وسلم فيسهل عليه حفظها أو استحضارها وقتما يريد بأسهل طرق، والله تعالى الموفق والهادي إلى سواء السبيل.
(١) انظر غاية السول في خصائص الرسول لابن الملقن عمر بن على ص ١٢٥.