أولا: مظاهر تعظيم الله- تبارك الله وتعالى- لأعراض زوجات النبي صلّى الله عليه وسلّم
وتبرئتهن من كل سوء، وبيان شناعة الأمر الذي وقع وقبحه.
١- تسميته إفكا:
والإفك هو الكذب الشنيع، وهو لفظ شديد وقعه على الأذن، حتى وإن لم يفهم المرء معناه الحرفي. وتدبر أخي القارئ جملة: جاؤُ بِالْإِفْكِ [النّور: ١١] ، فهي مشعرة أن هذا الإفك كله مختلق ليس له أي أساس من الصحة، كما أنه ليس له مبررات، ولا شواهد تبرر ادعاءه، ومشعرة أيضا أن هذا البهتان دخيل على الجو الإيماني الذي كان يعمر المدينة وقلوب أصحاب النبي صلّى الله عليه وسلّم.
٢- إثبات أن كل من خاض فيه قد تحمل الإثم
؛ لقوله تعالى: لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [النّور: ١١] . فمن عظيم غضب الله لهذه المقولة جاءت الآية بصيغة تؤكد ألّا أحد ممن تكلم مهما بلغت منزلته عفي من تحمل الإثم.
٣- نزول الآيات المبّرّئات بأبلغ التسلية:
وذلك أن أبلغ ما كانت تريده عائشة- رضي الله عنها-، هو أن يرى النبي صلّى الله عليه وسلّم رؤيا تبرئها، كما أشرت آنفا، ولكن جاء ما هو أعظم من ذلك، وهو أن الله قد تكلم في شأنها، ولكن هل جاءت الآيات لترفع عنها الشر الذي أصابها فحسب؟ لا، بل جاءت لها بالخير العميم الذي ستناله في الدنيا والآخرة، قال تعالى-: لا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ [النّور: ١١] وهذا ما قصدته بأبلغ التسلية، ومن بركة عائشة- رضي الله عنها-، أن بسببها نزل الخير لها وللأمة، وما ذلك بغريب عنها فقد ورد عند البخاري، قول أسيد بن حضير لعائشة- رضي الله عنهما-، لما نزلت آية التيمم بسبب فقدان الماء بعد حبس عائشة جيش النبي صلّى الله عليه وسلّم:«ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر»«١» .
٤- وصف الإفك بأوصاف عديدة:
وصف الله- تبارك وتعالى- ما خاض فيه المنافقون وبعض الصحابة بأوصاف شنيعة، بغرض بيان عظم ما وقع فيه الناس عند الله- تبارك وتعالى-، ولتقبيح فعلهم غاية التقبيح، ولزجرهم عن العودة إليه مرة أخرى، وتلك الأوصاف هي:
أ- الإفك المبين:
والمبين هو البين في نفسه، فالذي وقع من الخوض في عرض عائشة- رضي الله عنها-، هو كذب شنيع ظاهر أنه كذب، ما كان ليختلف اثنان عليه، وكلما كان