للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الفائدة الثالثة:]

إرادة الله- سبحانه وتعالى- إعلاء شأن النبي صلى الله عليه وسلم بين زوجاته وأن يشعرهن بمنته عليهن وأن يظهر للناس عدله صلى الله عليه وسلم قال الإمام ابن كثير- رحمه الله- في شرح الآية: (إن تقسم لهن اختيارا منك لا أنه على سبيل الوجوب فرحن بذلك واستبشرن به، وحملن جميلك في ذلك، واعترفن بمنتك عليهن في قسمتك لهن وتسويتك بينهن، وإنصافك لهن وعدلك فيهن) «١» .

فإن قال قائل: إن كان عدم إيجاب القسمة بين النساء له كل تلك المميزات فلماذا أوجب الله- تبارك وتعالى- علينا القسمة؟

قلت له: لا يستوي نبي الأمة مع رجالها في هذا، فالنبي صلى الله عليه وسلم معصوم من الظلم والجور وإضرار الناس، وهذه العصمة له وحده صلى الله عليه وسلم دون الأمة.

٣- في جواز أن تهب المرأة نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم:

قال تعالى: يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنا لَكَ أَزْواجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ وَما مَلَكَتْ يَمِينُكَ مِمَّا أَفاءَ اللَّهُ عَلَيْكَ وَبَناتِ عَمِّكَ وَبَناتِ عَمَّاتِكَ وَبَناتِ خالِكَ وَبَناتِ خالاتِكَ اللَّاتِي هاجَرْنَ مَعَكَ وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَها لِلنَّبِيِّ إِنْ أَرادَ النَّبِيُّ أَنْ يَسْتَنْكِحَها خالِصَةً لَكَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ قَدْ عَلِمْنا ما فَرَضْنا عَلَيْهِمْ فِي أَزْواجِهِمْ وَما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ لِكَيْلا يَكُونَ عَلَيْكَ حَرَجٌ وَكانَ اللَّهُ غَفُوراً رَحِيماً [الأحزاب: ٥٠] قال الإمام ابن كثير- رحمه الله: (ويحل لك- أيها النبي- المرأة المؤمنة إن وهبت نفسها لك أن تتزوجها بغير مهر إن شئت ذلك) «٢» .

[بعض فوائد الآية الكريمة:]

[الفائدة الأولى:]

إثبات أن الله- تبارك وتعالى- لم يسارع في إرضاء النبي صلى الله عليه وسلم في الأمور الشرعية فحسب، مثل اتجاه القبلة وعدم تخليد أحد من أمته في النار، وغيره كثير، ولكنّ الله- تبارك وتعالى- سارع أيضا في إرضاء نبيه صلى الله عليه وسلم في الأمور الحياتية الخاصة به، فقد أباح له أن يتزوج المرأة الواهبة نفسها له صلى الله عليه وسلم بغير مهر، روى الشيخان عن عائشة- رضي الله عنها- قالت: (كنت أغار على اللّاتي وهبن أنفسهنّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأقول:

أتهب المرأة نفسها؟ فلمّا أنزل الله تعالى تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ وَتُؤْوِي إِلَيْكَ مَنْ تَشاءُ وَمَنِ ابْتَغَيْتَ مِمَّنْ عَزَلْتَ فَلا جُناحَ عَلَيْكَ [الأحزاب: ٥١] ، قلت: ما أرى ربّك إلّا يسارع في هواك) «٣» .


(١) انظر الموضوع السابق.
(٢) انظر تفسير ابن كثير (٣/ ٥٠٠) .
(٣) رواه البخاري، كتاب: تفسير القرآن، باب: قوله تُرْجِي مَنْ تَشاءُ مِنْهُنَّ ... ، برقم (٤٧٨٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>