٢- جاء فعل (رفع) بصيغة الماضي؛ لإفادة أن الرفع لم يقترن بميلاد النبي صلى الله عليه وسلّم بل كان قبل ذلك، كما بقي بعد انتقاله صلى الله عليه وسلّم إلى الرفيق الأعلى، وهذا هو المشاهد، كما أن عدم اقتران الرفع بزمن معين مستقبلا، يفيد أن رفع الذكر سيبقى بحوله وقوته أبد الآبدين، فلله الحمد كله.
٣- ورد لفظ (لك) في الآية؛ ليتبين للنبي صلى الله عليه وسلّم ولأمته أن هذا الرفع هو أمر مخصوص بالنبي صلى الله عليه وسلّم، كما يشعر أنه لم يشاركه في هذا الأمر أحد.
وكان يمكن أن تكون الآية بصيغة:«ورفعنا ذكرك» .
كما أن إطلاق (رفع الذكر) بدون تقييد على أحد دون أحد، أفادنا أن الله- سبحانه وتعالى- قد رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم على الخلق كلهم جميعا.
٤- نصت الآية على رفع (الذكر) لا رفع (الاسم) لأن الذكر أعم من الاسم؛ لأنه يشمل جميع ما يخص النبي صلى الله عليه وسلّم؛ ولذلك أقول: إن قصر أوجه رفع الذكر باقتران اسمه صلى الله عليه وسلّم باسم الخالق، - عزّ وجلّ- في الأذان وغيره، هو حجر لواسع، أو أراد به العلماء ضرب مثال لبعض معاني اللفظ.
[الفائدة الثانية:]
بعض أوجه رفع ذكره صلى الله عليه وسلّم.
١- اقتران اسمه صلى الله عليه وسلّم مع اسم الله- سبحانه وتعالى- وهو أعظم وأجل أوجه رفع الذكر، وأضيف هنا على ما ذكره بعض المفسرين، فأقول: لا يمكن أن نستوعب عظيم هذا الأمر، إلا إذا علمنا ووقر في قلوبنا عظيم شأن الله، - سبحانه وتعالى- الخالق لكل شيء، المتصرف في كل شيء، العالم بكل شيء، المقدر لكل أمر، النافذ حكمه في كل أحد، قال تعالى واصفا قدرته وعظمته: وَما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَالسَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ [الزمر: ٦٧] ، وقال تعالى واصفا إحاطته بعلم كل شيء: وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُها إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ ما فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُها وَلا حَبَّةٍ فِي ظُلُماتِ الْأَرْضِ وَلا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ
[الأنعام: ٥٩] ، وقال تعالى مثبتا ملكه لكل شيء: لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَما بَيْنَهُما وَما تَحْتَ الثَّرى [طه: ٦] ، وقال تعالى حاكيا قيومته لكل نفس منفوسة: أَفَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ [الرعد: من الآية ٣٣] ، وغير ذلك مما يصعب إيراده في هذا المجال، ولكن أوردت طرفا يسيرا منه؛ ليستشعر القارئ الكريم من هو الله