أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا للصحابية أم حرام بنت ملحان، أن تركب البحر غازية في سبيل الله فدعا لها، واستجاب الله دعاءه فغزت هذه الصحابية في زمن الخليفة الراشد- على أحد القولين- عثمان بن عفان، وصرعت عن دابتها في قبرص، وكان معها زوجها الصحابي الجليل عبادة بن الصامت، وقيل: غزت في زمن معاوية رضي الله عنه، ولا يهمنا في هذا البحث في أي زمن غزت، ولكن الذي يهمنا أن الله استجاب دعاء نبيه، ونالت المرأة شرف الغزو في سبيل الله، ثم الشهادة في سبيل الله عز وجل.
[وفي الحديث فوائد منها:]
[الفائدة الأولى:]
نجزم قطعا أن أم حرام، كانت محرّمة تحريما أبديّا على النبي صلى الله عليه وسلم، فلذلك كان يدخل عليها، وينام عندها، بل كانت تفلي رأسه صلى الله عليه وسلم، والذي جعلنا نجزم بذلك حديث عائشة رضي الله عنها عن بيعة النبي للنساء، والذي رواه مسلم «١» وفيه:
قالت عائشة: فمن أقرّ بهذا الشّرط منهنّ قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قد بايعتك» كلاما يكلّمها به، والله ما مسّت يده يد امرأة قطّ في المبايعة وما بايعهنّ إلّا بقوله. وهذا موضع اتفاق بين العلماء، كما ذكر النووي في شرحه للصحيح، وقد ذكر أيضا اختلاف العلماء في سبب التحريم.
[الفائدة الثانية:]
رؤيا الأنبياء حق، وليس للشيطان فيها مجال؛ لأن النبي رأى- وهو نائم- ناسا من أمته يغزون، فقام وهو يضحك، وما كان ذلك إلا لعلمه أن هذا وحي من الله، وهو متحقق لا محالة.
[الفائدة الثالثة:]
فرح النبي بما سيفعله أفراد من أمته- من بعده- من أنواع الطاعات، والدليل على ذلك أنه ضحك فرحا وسرورا، ورضى بهذا الغزو والذي يحبه الله، ولا شك أن من أسباب فرحه بطاعة من بعده، أن له في ذلك أجرا ومثوبة من الله، وأن كل نصر لأمته فهو نصر له.
[الفائدة الرابعة:]
حرص الصحابة على التعلم من النبي صلى الله عليه وسلم واهتمامهم بجميع شئونه؛ لأنهم يعلمون أن كل أعماله لهم فيها سنة وتأسّ، بل كان ذلك وحيا من الله، حتى نقلوا للأمه ضحكه صلى الله عليه وسلم.