للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الإمام النووي- رحمه الله.: (فيه بيان كرامة النبي صلى الله عليه وسلم على الله تعالى وإكرامه إياه بإنزال الملائكة تقاتل معه وبيان أن الملائكة تقاتل، وأن قتالهم لم يختص بيوم بدر. وهذا هو الصواب خلافا لمن زعم اختصاصه، وفيه فضيلة الثياب البيض وأن رؤية الملائكة لا تختص بالأنبياء بل يراهم الصحابة والأولياء وفيه منقبة لسعد بن أبي وقاص الذي رأى الملائكة) .

انتهى «١» .

وإن كان لي أن أضيف شيئا إلى كلام الإمام النووي- رحمه الله- فأود أن ألقي الضوء على مظاهر تشريف الله سبحانه وتعالى لنبيه والتي تظهر جليلة في:

١- قتال جبريل وميكائيل- عليهما السلام- عن يمين وشمال النبي صلى الله عليه وسلم، أبلغ دليل على مدى اعتناء المولى سبحانه وتعالى بنبيه صلى الله عليه وسلم، كما أنه دليل على أن الملكين- عليهما السلام- نزلا خصيصا لحمايته والدفاع عنه، وإلا لقاتلا في أي من صفوف الجيش، ودليله قول الراوي (ومعه رجلان يقاتلان عنه) .

٢- كان يمكن أن يعمي الله عز وجل أعين الكفار عن النبي صلى الله عليه وسلم في المعركة، فلا يحتاج لمن يقاتل دونه، ولكن الله عز وجل أراد أن يؤيد النبي صلى الله عليه وسلم بمعجزة حسية يثبّت بها فؤاده ويعلم بها رعاية الملأ الأعلى له، ويراها الصحابة عيانا فيعرفوا قدر نبيهم صلى الله عليه وسلم عند ربهم ويزدادوا بها إيمانا مع إيمانهم ويتحقق نفس الشيء بالنسبة لنا. فالحمد على ما أنعم به وتفضل.

٣- لم تكن غزوة أحد هي الغزوة الوحيدة التي قاتلت فيها الملائكة مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولكنها قاتلت من قبل في غزوة بدر الكبرى، ونزل بذلك قرآن يتلى، قال تعالى: إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَثَبِّتُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الْأَعْناقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنانٍ [الأنفال: ١٢] .

وأود أن أبين بعض اللفتات الجميلة في تلك الآية الكريمة ليتبين للقارئ مدى اعتناء المولى سبحانه وتعالى بالنبي صلى الله عليه وسلم وأمته.

[اللفتة الأولى:]

بدأ الله سبحانه وتعالى الآية بإثبات معية الله الخاصة للملائكة المأمورين بالقتال في الغزوة، قال تعالى: أَنِّي مَعَكُمْ [الأنفال: ١٢] وإعلام الله الملائكة بهذه المعية الخاصة قبل أمرهم بالقتال، إما لحثهم على القتال أبلغ الحث أو طمئنتهم أن الله ناصرهم، وأن هذه


(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١٥/ ٦٦) .

<<  <  ج: ص:  >  >>