للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[تقديم]

إن الدارس لعلم النبوات في أي أمة يرى بوضوح آثار قدرة الله تعالى المؤيّدة لرسوله محمد صلى الله عليه وسلم خير البشر ولو كان هذا الدارس متخصصا في النقد التاريخي مفندا لمزاعم النبوة فإنه يحار عقله وقلبه أمام ما أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من كثرة المؤيدات والمثبتات لنبوته صلى الله عليه وسلم وإن دفعه غروره لإنكار نبوته صلى الله عليه وسلم فبالعقل قبل النقل يستطيع أن يقيس تلك المعجزات والدلائل على ما عنده من معايير وأقيسة فإذا به يجد نفسه أمام نبي عظيم أتاه الله سبحانه وتعالى من المعجزات المعنوية والحسية ما على مثله يؤمن الناس كلهم جميعا.

ثبت عن النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من الأنبياء نبيّ إلا أعطي من الآيات ما مثله أو من أو آمن عليه البشر، وإنّما كان الّذي أوتيت وحيا أوحاه الله إليّ، فأرجو أنّي أكثرهم تابعا يوم القيامة» «١» رواه الشيخان.

وهنا يجدر بنا ذكر الصفات العامة التي عليها يقيس البشر صحة نبوة الأنبياء، وتلك الصفات التي دعت قساة القلوب وغلاظها إلى الإيمان والتسليم، فهذا ضماد يسمع من الرسول بعض الكلمات فيسلم، كما روى مسلم في صحيحه أن ضمادا لما وفد على الرسول صلى الله عليه وسلم قال له صلى الله عليه وسلم: «إن الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد ألاإله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله فقال ضماد: أعد عليّ كلماتك هؤلاء فلقد بلغن ناعوس البحر، هات يدك أبايعك ... » «٢» .

فقد أظهر الله على يده صلى الله عليه وسلم تصديقا لدعوته من المعجزات والدلائل ما لا يحصى ولا يعد، فهو صلى الله عليه وسلم أكثر الأنبياء وأظهرهم برهانا وسنذكر لك في هذا الباب من الآيات ما تقرّ به عينك ويزداد به يقينك مما رواه الأئمة الأعلام في صحاح كتب الحديث.


(١) أخرجه البخاري، كتاب فضائل القرآن، باب: كيف نزول الوحي أول ما نزل، (٤٦٨١) ، ومسلم، كتاب الإيمان، باب: وجوب الإيمان برسالة نبينا ... ، برقم (١٥٢) .
(٢) رواه مسلم، كتاب الجمعة، باب: تخفيف الصلاة، برقم (٨٦٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>