للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الوجه، واستنارته) «١» ، وإذا كان هذا الصفاء والجمال وحسن البشرة كان يوم وفاته صلى الله عليه وسلم فكيف كان أيام شبابه وفحولته صلى الله عليه وسلم؟! وأعتقد أن الصحابة قد وصفوا وجهه صلى الله عليه وسلم بالشمس أو القمر لأنهم لا يعرفون شيئا أجمل منهما، وأظن أن وجهه كان أجمل من ذلك بكثير، ولكنهم- جزاهم الله عنا خيرا- أرادوا فقط أن يمثلوا لنا الوجه الشريف بأجمل ما يعرفون.

[فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

مناقب كعب بن مالك وهي:

١- حضوره جميع الغزوات التي غزاها النبي، ما عدا غزوة بدر، وغزوة تبوك، ولم يعتب عليه في بدر؛ لأن النبي لم يعزم على الصحابة في الخروج، لأنه ما كان يريد الغزو، وإنما كان يريد عير قريش، وبذلك تكون الغزوة الوحيدة التي تخلف عنها ويلام عليها هي غزوة تبوك، قال كعب: (لم أتخلف عن رسول الله في غزوة غزاها إلا غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر) .

٢- شهوده ليلة العقبة حيث أخذ عليهم العهد والميثاق على الإسلام والجهاد في سبيل الله، وهذه الليلة كانت أعظم عند كعب، من شهوده بدرا، لقوله: (وما أحب أن لي بها مشهد بدر) .

٣- عظيم صدقه، حتى إن كان هذا الصدق ينتقص من قدره ويفضح أمره، ويظهره أكثر تقاعسا عن شهود الغزو، وذلك علمناه من:

أ- إخباره أنه ما كان في يوم أقدر استطاعة، ولا أيسر حالا عنه في غزة تبوك، حتى إنه لأول مرة في حياته يملك راحلتين، يمكن أن يستخدمها في الغزو، قال كعب: (لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة) ، فلم يكذب ويذكر مبررات لتخلفه، بل لم يكتم ما كان عليه من سعة ويسر، وهذا من عظيم صدقه.

ب- ذكره ما كان من أمره في تأخير وتسويف التجهز للغزو، ولم يذكر أيضا عذرا له في ذلك، قال كعب: (فقلت أتجهز بعده بيوم أو يومين ثم ألحقهم) ، ونتعلم من ذلك المبادرة لأعمال الخير والطاعات، وأن تأجيلها يوما أو يومين سيؤدي في النهاية إلى عدم القيام بها، وأن هذا التأجيل من تزيين الشيطان، الذي يحرص على صد الناس عن سبيل الله.


(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (٤/ ١٤٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>