للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشّاهد في الحديث: قول كعب بن مالك رضي الله عنه: (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه حتى كأنه قطعة قمر) ، وكان الصحابة ما يرون وجها أجمل من وجه النبي صلى الله عليه وسلم فعن أبي إسحاق قال: (سئل البراء، أكان وجه النبي صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا. بل مثل القمر) «١» .

قال الحافظ ابن حجر ما نصه: (كأن السائل أراد أنه مثل السيف في الطول، فرد عليه البراء فقال: (بل مثل القمر) ، أي في التدوير، ويحتمل أن يكون أراد: مثل السيف في اللمعان والصقال؟ فقال: بل فوق ذلك، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين من التدوير واللمعان) «٢» .

ومن حديث جابر بن سمرة: (أن رجلا قال له: أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل السيف؟ قال: لا بل كان مثل الشمس والقمر وكان مستديرا) «٣» ، وإنما قال: (مستديرا) للتنبيه على أنه جمع الصفتين؛ لأن قوله: (مثل السيف) يحتمل أن يريد به الطول أو اللمعان، فرده المسئول ردّا بليغا، ولما جرى التعارف في أن التشبيه (بالشمس) إنما يراد به غالبا الإشراق، والتشبيه (بالقمر) إنما يريد به الملاحة دون غيرها، أتى بقوله: (وكان مستديرا) إشارة إلى أنه أراد التشبيه بالصفتين معا: الحسن والاستدارة) «٤» .

وقد روى البراء رضي عنه الله: (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنهم خلقا ليس بالطويل الذاهب ولا بالقصير) «٥» ، ومعنى بالطويل الذاهب أي: (المفرط الطول) ، أي كان معتدل القامة صلى الله عليه وسلم.

وانظر أخي القارئ كيف وصف الصحابة وجهه يوم وفاته صلى الله عليه وسلم فقد ورد في الصحيحين من حديث أنس رضي عنه الله: (فكشف النبي صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة ينظر إلينا وهو قائم كأن وجهه ورقة مصحف) «٦» ، قال النووي في شرح مسلم: (عبارة عن الجمال البارع، وحسن البشرة، وصفاء


(١) البخاري، كتاب: المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٥٥٢) .
(٢) انظر فتح الباري (٦/ ٥٧٣) .
(٣) مسلم، كتاب: الفضائل، باب: شيبه صلى الله عليه وسلم، برقم (٢٣٤٤) .
(٤) انظر فتح الباري (٦/ ٥٧٣) .
(٥) البخاري، كتاب: المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٣٥٤٩) ، مسلم، كتاب: الفضائل، باب: في صفة النبي صلى الله عليه وسلم، برقم (٢٣٣٧) .
(٦) البخاري، كتاب: الأذان، باب: أهل العلم والفضل أحق بالإمامة، برقم (٦٨٠) ، مسلم، كتاب: الصلاة، باب: استخلاف الإمام إذا عرض له عذر ... ، برقم (٤١٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>