للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال بعض العلماء: خص الله- تعالى- النبيّ صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة، وكلها صدق، ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم، كما خرق الله- تعالى- العادة للأنبياء- عليهم السلام- بالمعجزة، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل، ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور، فحماها «١» الله- تعالى- من الشيطان ونزغه ووسوسته وإلقائه وكيده» «٢» . انتهى.

٣- رؤيته بالمال والأهل:

عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من أشدّ أمّتي لي حبّا ناس يكونون بعدي يودّ أحدهم لو رآني بأهله وماله» «٣» . رواه مسلم.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

في شمائل النبي صلى الله عليه وسلم.

١- بيان أن مجرد رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لها فضل عظيم، حيث ذكر الحديث أن رؤيته صلى الله عليه وسلم ستكون أعز وأغلى عند بعض أمته من مالهم وأهلهم، بل يقدمون المال والأهل في سبيل تحقيق هذه الرؤية الغالية العزيزة. قال صلى الله عليه وسلم: «يود أحدهم لو رآني بأهله وماله» .

٢- بيان فضل النبي صلى الله عليه وسلم ومكانته وشرفه عند الله عز وجل وعند أمته؛ لأننا نقول: إذا كانت رؤيته صلى الله عليه وسلم مناما أو يقظة ولأدنى زمن تتحقق فيه الرؤية- تكون عند البعض بالمال والأهل، فما بالنا بصحبته مع نصرته وحبه للصحابي وحب الصحابي له، وهي أمور أعظم قطعا من مجرد الرؤية، فكم ينبغي أن يقدم المسلم لينال كل هذه الأمور مجتمعة؟!.

ويتفرع على هذا أن نتصور عظيم قدر الفضل والمنح والنعم التي تفضل الله بها على الصحابة، إذ اختصهم دون الخلق بصحبة نبيه صلى الله عليه وسلم ونصرته ورؤيته دوما وفي كل الأوقات وعلى كل الأحوال، فلم يحظوا بالرؤية فقط التي تكون بالأهل والمال، ولكنهم تكلموا معه وتكلم معهم، وعلّمهم ورباهم، وصلى بهم وسافر معهم ودعا لهم، ومات وهو راض عنهم، بل الأثمن والأغلى أن جلّهم قد لامست يده يد النبي صلى الله عليه وسلم وبشرته بشرة النبي صلى الله عليه وسلم


(١) أي: حمى صورته صلى الله عليه وسلم.
(٢) انظر شرح النووى على صحيح مسلم (١٥/ ٢٥) .
(٣) رواه مسلم، كتاب: الجنة، باب: فيمن يود رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بأهلة، برقم (٢٨٣٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>