ومن جهة أخرى: يجب علينا أن نحب الصحابة رضي الله عنهم ونجلهم ونكبرهم لما كان لهم من هذا الفضل الجزيل.
٣- في الحديث معجزتان من دلائل نبوته صلى الله عليه وسلم
الأولى: إخباره صلى الله عليه وسلم بأمر من أمور الغيب- التي أطلعه الله عليها- وهو وجود مثل هذه الفئة من أمته صلى الله عليه وسلم.
الثانية: وجود مثل هذه الفئة من أمة الإسلام، التي تحب النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الحب دون صحبة أو معاصرة أو حتى رؤية، بحيث يود الرجل منهم لو رأى النبي صلى الله عليه وسلم ولو للحظة يقظة أو مناما- مقابل أهله وماله، وهذا الأمر لو تدبره أصحاب العقول السوية لعلموا أنه من أعظم دلائل صدق نبوته صلى الله عليه وسلم، فسبحان من لا يقدر على تهيئة القلوب وتوفيقها لمثل هذا الحب إلا هو- تبارك وتعالى-.
٣- في الحديث دفع شبهات الكفار حول النبي صلى الله عليه وسلم، والتي سجّلها القرآن الكريم عنهم في أكثر من موضع، حيث قالوا- لعنة الله عليهم-: إنه ساحر. فنقول لهم: إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم- وحاشا لله- قد سحر أصحابه فأحبوه ونصروه وضحوا معه بكل غال ونفيس، فمن هذا الذي سحر أتباعه ممن لم يروه ولم يرهم وقد أحبوه كل هذا الحب، وإذا كان أصحابه- رضي الله عنهم- قد أحبوا النبي صلى الله عليه وسلم لأغراض دنيوية، أو لرؤيتهم المعجزات الحسية على يديه، فما بال أتباعه صلى الله عليه وسلم الذين لم يروه قد أحبوه مثل هذا الحب، وقد تمنوا أن لو قدموا كل ما لديهم في الدنيا- من المال والأهل- في سبيل رؤيته.
٤- بيان الحب الذي ينبغي أن يستقر في قلب المؤمن للنبي صلى الله عليه وسلم، والذي بموجبه يرضى الله عز وجل على العبد.
ويتفرع عليه أن على كل مسلم أن يقارن حاله بحال الفئة التي ذكرت بالحديث، فإن وافق حاله حالها فليحمد الله عز وجل، وإلا فليفتش في نفسه ويجاهدها حتى يصل إلى تلك المرتبة العليا.
[الفائدة الثانية:]
في الحديث لفت أنظار الصحابة رضي الله عنهم لما هم فيه من نعمة، وحثهم على كثرة مصاحبته صلى الله عليه وسلم ونصرته وملازمته، يؤيد ذلك ما رواه مسلم: عن أبي هريرة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والّذي نفس محمّد في يده ليأتينّ على أحدكم يوم ولا يراني،