للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والملائكة وصالح المؤمنين، مع وعده إذا طلق نساءه أن يجعل الله له ما يقر عينه، وهذه النكتة اللطيفة تحتاج إلى تأمل وتدبر.

١٤- معية الله- عز وجل- له صلّى الله عليه وسلّم:

قال تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُما فِي الْغارِ إِذْ يَقُولُ لِصاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَمْ تَرَوْها وَجَعَلَ كَلِمَةَ الَّذِينَ كَفَرُوا السُّفْلى وَكَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيا وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ [التوبة: ٤٠] .

[الشاهد في الآية:]

أثبتت الآية معية الله- عز وجل-، لنبيه وصاحبه، قال تعالى: لا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنا وهي معية خاصة؛ لأنها ذكرت بعد النهي عن الحزن، الذي حصل بسبب خوف أبي بكر الصديق على الرسول، وارتفع هذا الخوف بعلمه أن الله معهما بنصره وتأييده، فلن يصل إليهما أذى الكفار، ويؤكد هذا المعنى ما رواه البخاري عن أنس عن أبي بكر رضي الله عنه قال: قلت للنّبيّ صلّى الله عليه وسلّم وأنا في الغار: لو أنّ أحدهم نظر تحت قدميه لأبصارنا!!. فقال: «ما ظنّك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما» «١» .

أما المعية العامة، والتي يقصد بها العلم والإحاطة، ففي قوله: ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ وَلا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سادِسُهُمْ وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ ما كانُوا [المجادلة: ٧] .

[وفي الآية فوائد منها:]

[الفائدة الأولى:]

ما يتعلق بالنبي صلّى الله عليه وسلّم

١- نصرة الله- عز وجل- له صلّى الله عليه وسلّم، وهى نصرة تكفيه عن نصرة الناس أجمعين، فهمنا ذلك من قوله تعالى: إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ، وورود النصر بصيغة الماضي دليل على تحققه وثبوته وإن لم يحدث بعد، ويؤيد نصرة الله له وحمايته من جميع الأعداء قوله تعالى: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ [النساء: ٨٤] ، فلولا أن الله حاميه، وتكفل بنصرته، ما أمره بالجهاد ومدافعة الكفار ولو كان وحده؛ لأن فيه تهلكة له، قال تعالى:

وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ [المائدة: من الآية ٦٧] .

٢- لم يخرج النبي صلّى الله عليه وسلّم من مكة مهاجرا إلى المدينة طواعية لطلب السلامة والأمن، بل


(١) البخاري، كتاب: المناقب، باب: مناقب المهاجرين وفضلهم منهم أبو بكر، برقم (٣٦٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>