للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

للقرآن والسنة بسوء أدب، فإنه يحرم الهداية ويستحق- بفعله- الغواية.

٤- انسلاخه من العصبيات والقوميات، التي كانت سائدة في القبائل قبل الإسلام، وذلك أنه بمجرد أن نطق بالشهادتين، جعل ولاءه للإسلام، ودليله ما جاء في الحديث:

«وعلى قومك؟ قال: وعلى قومي» وهذا دليل على أن الولاء للإسلام، ولا ولاء في الإسلام لأي جنسيات أو شعارات أو مذهبيات.

[الفائدة الثالثة:]

أن نؤمن حقّا أن الهداية بيد الله وحده، فكم سمع الكفار من كلام النبي صلّى الله عليه وسلّم، بل من آيات الذكر الحكيم، ولم يؤمنوا، بل ازدادوا ضلالة وغواية، وهذا ضماد لم يسمع من النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا كلمات معدودة ليست من القرآن، بل من كلامه هو صلّى الله عليه وسلّم، فامن من وقته بغير تردد ولا تحير.

٦- شبهة أن يكون صلّى الله عليه وسلّم غنيّا لا يحتاج إلى التكسب:

قال- تعالى: وَقالُوا مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطَّعامَ وَيَمْشِي فِي الْأَسْواقِ لَوْلا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَلَكٌ فَيَكُونَ مَعَهُ نَذِيراً (٧) أَوْ يُلْقى إِلَيْهِ كَنْزٌ أَوْ تَكُونُ لَهُ جَنَّةٌ يَأْكُلُ مِنْها وَقالَ الظَّالِمُونَ إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا رَجُلًا مَسْحُوراً (٨) [الفرقان: ٧- ٨] اقترح الكفار ليؤمنوا بالنبي صلّى الله عليه وسلّم، أن يكون له كنز، ينفق منه فلا يحتاج إلى العمل، أو السعي لكسب الرزق، فإن لم يكن هناك كنز، فلا أقل من أن تكون له جنة، يأكل من ثمارها ويستظل بظلها، فيكون منعّما، لأنهم يستكبرون أن يتبعوا رجلا فقيرا؛ قال تعالى: وَقالُوا لَوْلا نُزِّلَ هذَا الْقُرْآنُ عَلى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ [الزخرف: ٣١] ، وهي نفس شبهة من كفر بنوح صلّى الله عليه وسلّم؛ قال- تعالى-: قالُوا أَنُؤْمِنُ لَكَ وَاتَّبَعَكَ الْأَرْذَلُونَ [الشعراء: ١١١] ، والمتأمل يرى أن كل شبهات الكفار واحدة على مر العصور.

والحاصل: أن الكفار اقترحوا في آية الباب أن ينزل الله على عبده صلّى الله عليه وسلّم كنزا من السماء، أو تكون له جنة في الأرض، فبين الله أولا أن الذي دفعهم إلى هذه الشبهة هو ظلمهم؛ حيث قال تعالى: وَقالَ الظَّالِمُونَ، ثم بين تعالى أنه لو شاء لجعل لرسوله صلّى الله عليه وسلّم ما اقترحوه، بل خيرا منه: جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ وَيَجْعَلْ لَكَ قُصُوراً ولكن علق الله عزّ وجلّ ذلك بالمشيئة، وحيث إن كل مشيئة لله- تعالى- فهي مقرونة بالحكمة البالغة، علمنا أنه ليس من الحكمة أن يكون للنبي جنات وأنهار

وأكد القرآن مرة أخرى في سياق تفنيد ادعاآتهم، أن الذي دفعهم إلى هذا القول هو

<<  <  ج: ص:  >  >>