للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العظيمة، حتى إذا سأله بالذي خلق هذه الكائنات اطمأن إلى صدقه فيما يقول، فقد ورد في الحديث: (قال: فمن خلق السماء؟. قال: «الله» ، قال: فمن خلق الأرض؟. قال:

«الله» ، قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟. قال: «الله» ، قال فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال، آلله أرسلك؟. قال: «نعم» ) .

وتدبر ما ذكره النووي نقلا عن بعض أهل العلم قوله: (هذا من حسن سؤال هذا الرجل وملاحة سياقته وتربيته؛ فإنه سأل أولا عن صانع المخلوقات من هو؟ ثم أقسم عليه به أن يصدقه في كونه رسولا للصانع؟ ثم لما وقف على رسالته وعلمها أقسم عليه بحق مرسله، وهذا ترتيب يفتقر إلى عقل رصين) «١» .

فإن قال قائل: كيف يجرؤ أن يسلك مثل هذا المسلك مع النبي صلى الله عليه وسلم؟

الجواب: على فرض أنه قد جاء مسلما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيعذر بأنه قريب عهد بالإسلام وأنه لم يصله وجوب تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم والتأدب معه في المسألة، وعدم مناداته باسمه.

٣- بلاغته رضي الله عنه حيث إنه لما أراد أن يعبر عن إيجاد السماوات والأرض استخدم مادة (خلق) ، ولما أراد أن يعبر عن الجبال استخدم مادة (نصب) ، قال ضمام رضي الله عنه: (فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال) . وكذلك انظر إلى بلاغته رضي الله عنه في قوله:

(أنشدك بالله: آلله أمرك) .

٤- اجتهاده في طلب الحق وإبلاغه، ويتبين ذلك من:

أ- تحمله مشقة السفر لطلب علو السند، فالبرغم أنه سمع من رسول رسول صلى الله عليه وسلم، إلا أنه رحل إلى المدينة ليسمع مشافهة من النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن حجر رحمه الله: (واستنبط منه الحاكم رحمه الله أصل طلب علو الإسناد لأنه سمع ذلك من الرسول وآمن وصدق، ولكنه أراد أن يسمع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم مشافهة) «٢» .

ب- تحمله بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم مسؤولية إبلاغ قومه أمر الإسلام قال: (آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي) .

الفائدة الثّالثة:

وجوب قيام الإمام بإرسال الرسل إلى الأمصار للدعوة إلى الله- عز وجل- ونشر دين الإسلام، ودليله أن النبي صلى الله عليه وسلم قد أرسل رسله إلى بني سعد بن بكر، كما


(١) انظر شرح النووي على صحيح مسلم (١/ ١٧١) .
(٢) انظر فتح الباري (١/ ١٥٢) .

<<  <  ج: ص:  >  >>