للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- نفي الهوى عن كل ما جاء بالسنة:

قال- تعالى-: وَالنَّجْمِ إِذا هَوى (١) ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) [النجم: ١. ٤] .

تلك الآيات الكريمات من أبلغ الثناء على النبي صلى الله عليه وسلّم وعلى كل ما جاء به من السنة النبوية الشريفة المطهرة، قال الإمام القرطبي- رحمه الله- تعالى-: (أي ما ضل محمد صلى الله عليه وسلّم عن الحق وما حاد عنه، والغيّ ضد الرشد أي ما صار غاويا وقيل: أي ما تكلم بالباطل) «١» . وقال شيخ الإسلام ابن القيم- رحمه الله- تعالى-: (رأس الأدب مع الرسول صلى الله عليه وسلّم: كمال التسليم له، والانقياد لأمره وتلقي خبره بالقبول والتصديق، دون أن يحمّله معارضة بخيال باطل يسميه معقولا، أو يحمّله شبهة أو شكّا، أو يقدم عليه اراء الرجال وزبالات أذهانهم، فيوحّده بالتحكيم والتسليم، والانقياد والإذعان، كما وحّد المرسل- سبحانه وتعالى- بالعبادة والخضوع والذل والإنابة والتوكل) «٢» .

وقال الحافظ ابن كثير: (ما ضَلَّ صاحِبُكُمْ وَما غَوى (٢) هذا هو المقسم عليه، وهو الشهادة للرسول صلى الله عليه وسلّم بأنه راشد تابع للحق ليس بضال وهو الجاهل الذي يسلك طريقا بغير علم، والغاوي هو العالم بالحق العادل عنه قصدا إلى غيره، فنزه الله رسوله وشرعه عن مشابهة أهل الضلال كالنصارى وطرائق اليهود وهي علم الشيء وكتمانه والعمل بخلافه، بل هو صلاة الله وسلامه عليه وما بعثه به من الشرع العظيم في غاية الاستقامة والاعتدال والسداد ولهذا قال- تعالى- وَما يَنْطِقُ عَنِ الْهَوى (٣) أي ما يقول قولا عن هوى وغرض إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحى (٤) ، أي إنما يقول ما أمر به يبلغه إلى الناس كاملا موفورا من غير زيادة ولا نقصان) «٣» . وقال الشيخ السعدي- رحمه الله-: (والمقسم عليه هو تنزيه الرسول صلى الله عليه وسلّم عن الضلال في علمه والغيّ في قصده ويلزم من ذلك أن يكون مهتديا في علمه حسن القصد ناصحا للأمة بعكس ما عليه أهل الضلال من فساد العلم وفساد القصد) «٤» . انتهى.


(١) انظر «الجامع لأحكام القران» (١٧/ ٨٤) .
(٢) انظر «مدارج السالكين» (٢/ ١١٢) .
(٣) انظر «تفسير القران العظيم» (٤/ ٢٤٨) .
(٤) انظر «تيسير الكريم الرحمن» (٨١٨) .

<<  <  ج: ص:  >  >>