بينت طرفا من هذه النعم في هذا الفصل من الكتاب، فلله الحمد كله وإليه يرجع الفضل كله.
[بعض فوائد الآية الكريمة:]
[الفائدة الأولى:]
في الآية دليل على أن الإجماع حجة شرعية، قال الشيخ السعدي رحمه الله:(وفي الآية دليل على أن إجماع هذه الأمة حجة قاطعة، وأنهم معصومون عن الخطأ، لإطلاق قوله: وَسَطاً، فلو قدر اتفاقهم على الخطأ لم يكونوا وسطا إلا في بعض الأمور، وقوله: لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النَّاسِ، يقتضي أنهم إذا شهدوا على حكم أن الله أحله أو حرمه أو أوجبه فإنها معصومة في ذلك)«١» .
[الفائدة الثانية:]
أن أمة الإسلام، أمة المصطفى صلى الله عليه وسلم، تعلو على جميع الأمم، ولا تعلو عليها أي أمة، حيث إنها تشهد على جميع الأمم وتقبل شهادتها عند ربها- سبحانه وتعالى- ويدخل بهذه الشهادة طوائف كثيرة النار، وفي المقابل لا تشهد عليها أي أمة من الأمم.
ويتفرع عليه وجوب أن تعتز هذه الأمة بنفسها وأن تعتقد اعتقادا جازما أنها عالية- بفضل الله- على جميع الأمم.
[الفائدة الثالثة:]
وجوب توفر شرط العدالة في كل من يشهد أو يحكم بين الناس، لأن الله- سبحانه وتعالى- لما أراد تفضيل هذه الأمة بالشهادة على الأمم السابقة، جعلها أمة وسطا لتكون شهادتها مقبولة، قال تعالى: وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ، فاللام في لِتَكُونُوا هي لام التعليل، ويتفرع على تلك الفائدة الفائدة التالية.
[الفائدة الرابعة:]
حرمان أهل البدع والزيغ والضلال- من أمة الإسلام- من الشهادة على الأمم السابقة، وذلك لعدم توفر شروط الوسطية فيهم ولوقوعهم إما في الغلو أو التقصير، كما أنهم يحرمون من الشهادة على الذين ماتوا في الدنيا من أهل القبلة.
[الفائدة الخامسة:]
هي منقبة عظيمة لهذه الأمة حيث إن الأنبياء هم أفضل الخلق وأحبهم إلى الله- عز وجل- وأعلى الناس شأنا وقدرا، يحتاجون إلى عموم هذه الأمة للشهادة لإثبات قيامهم بتبليغ أممهم، وكفى بذلك شرفا لهذه الأمة، روى البخاري في صحيحه: عن أبي سعيد الخدريّ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «يدعى نوح يوم القيامة فيقول:
لبّيك وسعديك يا ربّ، فيقول: هل بلّغت؟ فيقول: نعم. فيقال لأمّته: هل بلّغكم؟ فيقولون:
ما أتانا من نذير، فيقول: من يشهد لك؟ فيقول: محمّد وأمّته، فتشهدون أنّه قد بلّغ وَيَكُونَ