هذه الآية قد زكت الوحي الذي أنزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم سواء كان قرآنا أو سنة- بكل أنواع التزكية الممكنة فيما نعلم، فقد نصت الآية على أنواع للتزكية وهي:
أ- تزكية الوحي من حيث الجهة التي جاء منها إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم، وهي جهة العلو، قال تعالى: وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ، ومعلوم أن جهة العلو جهة شريفة، والدليل على ذلك أن الله- عز وجل- ما ذكر ما أوحى به إلى النبي صلّى الله عليه وسلّم إلا وأثبت له صفة الإنزال في سياق المدح لما أنزل، ومثاله قوله تعالى: لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ [فصلت: ٤٢] وغيره كثير.
ب- تزكية الوحي من حيث من أنزله، وهو الله- تبارك وتعالى-، الذي يعلم ما ينفع الناس وما يضرهم، وما يعمر الأرض وما يفسدها، ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.
ج- تزكية الوحي من حيث ما اشتمل عليه من عقائد وشرائع وقصص، قال تعالى:
وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ والمقصود بالحق: الأمر الثابت المستقر الذي لا يتغير ولا يتبدل، فهو صدق في الإخبار وعدل في الأحكام، قال تعالى: وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ صِدْقاً وَعَدْلًا لا مُبَدِّلَ لِكَلِماتِهِ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [الأنعام: ١١٥] .
د- تزكية الوحي من حيث الثواب المترتب على الإيمان به، قال تعالى: كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ. قال الشيخ السعدي رحمه الله:(أي كفّر الله عنهم سيئاتهم صغارها وكبارها، وإذا كفّرت سيئاتهم نجوا من عذاب الدنيا والآخرة، وأصلح بالهم: أي أصلح دينهم ودنياهم وقلوبهم وأعمالهم وأصلح ثوابهم بتنميته وتزكيته وأصلح جميع أحوالهم، والسبب في ذلك أنهم اتبعوا الحق الذي هو الصدق واليقين وما اشتمل عليه هذا القرآن العظيم)«١» .
[بعض فوائد الآية الكريمة:]
[الفائدة الأولى:]
تعظيم الوحي الذي أنزل على النبي صلّى الله عليه وسلّم، والتأكيد على شأن الإيمان به