أ- جعل طاعة الرسول من طاعة الله سبحانه وتعالى، ولم يفرق بينهما، ورأى أن ذهابه بأمر الرسول لدعوة أهل الصفة، هو طاعة لله عز وجل فيكون عدم ذهابه، معصية لله عز وجل، هكذا كانوا يرون طاعة الرسول من طاعة الله، سبحانه وتعالى، في كل كبير وصغير، قال أبو هريرة: ولم يكن من طاعة الله وطاعة رسوله بدّ.
يتفرع على ذلك، أن نحكم على كل من يفرق بين طاعة الله وطاعة رسوله، بالضلال المبين، فتارة يقولون: ما كان في كتاب الله أخذنا به، وما كان في السنة ففيه نظر، وتارة يقولون: أوامر القرآن واجبة، أما أوامر السنة فهي على سبيل الاستحباب، لا الوجوب، وفهم الصحابة حجة على هؤلاء، بل قول الله تعالى حجة على الجميع، قال تعالى: مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَما أَرْسَلْناكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً [النساء: ٨٠] ، فمن فرق بين أمر الله وأمر الرسول صلى الله عليه وسلم فقد كذب بهذه الآية الكريمة.
ب- تعظيمه لأمر الوحي، من جهتين:
الأولى: أقسم به ليغلظ القسم.
الثانية: وصفه بالحق، فقال:(لا والذي بعثك بالحق) .
٤- خبرته وعلمه بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم
، حيث يعلم أن أهل الصفة إذا جاؤا سيأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يناولهم القدح، وذلك من كثرة ملازمته للنبي صلى الله عليه وسلم ودخوله عليه، قال:(فإذا جاء أمرني فكنت أنا أعطيهم) .
٥- كمال أدبه مع النبي صلى الله عليه وسلم
، حيث كان يرد نداءه بقوله:(لبيك يا رسول الله) ، وأرى أن ذلك يدل على كمال الأدب، مع عظيم الحب، وليس الأدب وحده، ويتفرع على ذلك أن جملة (لبيك وسعديك) لا يختص بها الله عز وجل، ويجوز أن يردّ بها الرجل دعوة أهل العلم والفضل، حيث لم يثبت أنها من خصوصيات الرسول، ولكن ينبغي ألا نتوسع فيها، حتى لا تصبح كلمة فارغة عن محتواها فتكون كلمة لا معنى لها ولا قيمة، كما يمشي الرجل فيقول لكل من يقابله:(ادع الله لي) .
[الفائدة الثالثة:]
وجود الفقراء وأهل العوز في المجتمع الإسلامي، وهذا علقت عليه بالتفصيل في حديث:«ذهب أهل الدثور» ولكن أزيد هنا، أن على أفراد المجتمع أن يطعموهم ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا، خاصة الوالي لقول أبي هريرة: (إذ أتته صدقة بعث