للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٠- تثقيل موازينه صلّى الله عليه وسلّم يوم القيامة:

عن أبي هريرة: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» . [رواه مسلم] «١» .

[الشاهد في الحديث:]

قوله صلّى الله عليه وسلّم: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه» ، وحيث إن الرسول هو الذي دل على كل خير، ودعا إلى كل هدى، وحذر من كل ضلالة، فإن له من الأجر الموفور يوم القيامة، مثل أجور هذه الأمة جميعا، ولذلك فلا غرابة، أن تكون له الدرجة العالية الرفيعة في الجنة، التي لا تنبغي إلا له صلّى الله عليه وسلّم.

[بعض فوائد الحديث:]

[الفائدة الأولى:]

عظيم ما أعده الله- عز وجل- وادخره لنبيه صلّى الله عليه وسلّم في الآخرة من الأجر والثواب، ولم يقتصر مصدر هذا الأجر العظيم على هدايته ونصحه للأمة، بل من كون أنّ له من الأجر ضعف أجر أفراد الأمة على كل ما يصيبه من البلاء وكل ما يقوم به من الطاعات، ودليله ما رواه مسلم، عن عبد الله قال: دخلت على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وهو يوعك فمسسته بيدي فقلت: يا رسول الله، إنّك لتوعك وعكا شديدا، فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أجل، إنّي أوعك كما يوعك رجلان منكم» . قال: فقلت: ذلك أنّ لك أجرين؟ فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أجل» . ثمّ قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلّا حطّ الله به سيّئاته كما تحطّ الشّجرة ورقها» «٢» .

[الفائدة الثانية:]

فضيلة الإرشاد لأعمال الخير، وتعليم الناس، والتواصي بالحق، ومساعدة فاعل الخير قدر الإمكان؛ لقوله: «من دعا إلى هدى» ، ويتفرع على ذلك الفائدة التالية.

[الفائدة الثالثة:]

الحث على تلقي العلم، حيث إن المسلم لن يدل على خير ويعلّمه الناس، حتى يعلم أن هذا العمل خير، وموافق لسنة المصطفى صلّى الله عليه وسلّم، حتى لا يدعو إلى بدعة أو يقع في محظور آخر، دون أن يدري، والذي يدل على وجوب العلم أولا قبل العمل، قوله تعالى: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ [محمد: ١٩] ، وبوّب الإمام


(١) مسلم، كتاب: العلم، باب: من سن سنة حسنة أو سيئة ... ، برقم (٢٦٧٤) .
(٢) مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: ثواب المؤمن فيما يصيبه من مرض أو حزن، برقم (٢٥٧١) .

<<  <  ج: ص:  >  >>