خارج الصلاة، لأن النبي صلّى الله عليه وسلّم إنما قال هذه المقولة، مقابل ما فعله الصحابة من التصفيق في الصلاة، وكأن التصفيق وما يحدثه من إزعاج وشوشرة لا يناسب الصلاة، فنهى عنه الرجال، أما النساء فضرر التصفيق في الصلاة أقل من الضرر الذي قد يحدث من التفات المصلين لأصواتهن، خاصة إن كان فيه فتنة.
[الحديث الثاني:]
عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أنّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم أتى على امرأة تبكي على صبيّ لها. فقال لها:«اتّقي الله واصبري» . فقالت: وما تبالي بمصيبتي. فلمّا ذهب. قيل لها: إنّه رسول الله صلّى الله عليه وسلّم فأخذها مثل الموت. فأتت بابه فلم تجد على بابه بوّابين. فقالت: يا رسول الله لم أعرفك. فقال:«إنّما الصّبر عند أوّل صدمة، أو قال عند أوّل الصّدمة»«١» .
[الشاهد في الحديث:]
قول الراوي عن حال المرأة، لما علمت أن الذي خاطبها هو الرسول صلّى الله عليه وسلّم (فأخذها مثل الموت) .
[بعض فوائد الحديث:]
[الفائدة الأولى:]
في الشمائل النبوية:
١- مداومته وحرصه صلّى الله عليه وسلّم على الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، على كل حال، لقوله للمرأة:«اتقي الله واصبري» ولم يقل صلّى الله عليه وسلّم: إن المرأة الآن مصدومة، ولا يصح توجيه الخطاب إليها، ولما جاءته لتعتذر إليه، نصحها مرة أخرى، فقال لها:«إنما الصبر عند الصدمة الأولى» .
٢- حكمته ورفقه في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، أما حكمته، أنه أمر المرأة أولا، بتقوى الله، أي بالأمر العام، الذي هو سبب امتثال العبد لكل أمر وبعده عن كل نهي، لتشعر بخوف الله، - سبحانه وتعالى-، ووجوب طاعته والبعد عن معصيته، وليكون ذلك أدعى لامتثالها لما سيأتي من أمر، ليقع الأمر على قلب خاشع، ثم أمرها بالأمر الخاص، ألا وهو الصبر، الذي تحتاج إليه المرأة في مثل هذا الموضع، فقال صلّى الله عليه وسلّم:«اتقي الله واصبري» .
أما رفقه صلّى الله عليه وسلّم في الأمر فيتضح من:
أ- أنّ نصحه للمرأة ما زاد عن قوله:«اتقي الله واصبري» .
(١) البخاري، كتاب: الجنائز، باب: زيارة القبور، برقم: (١٢٨٣) ، مسلم، كتاب: الجنائز. باب: في الصبر على المصيبة، عند الصدمة الأولى، برقم (٩٢٦) .