أ- قال تعالى: فَإِذا طَعِمْتُمْ فَانْتَشِرُوا وعفّ عن الأمر بالخروج، مع أن اللفظين بمعنى واحد، ولكن قد يكون في قوله:(فاخرجوا) أذى لأذن السامع ومشاعره، ويتفرع عليه أن على المعلم أو الداعية أن يتخير من الألفاظ أبعدها عن إيذاء السامع.
ب- ذكر حكمة الأمر أو النهي؛ لأن في هذا سلوى لمن توجه إليه الخطاب، خاصة إذا كان الأمر يحول بينه وبين ما يحب، قال- تعالى-: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنْكُمْ.
[الفائدة الخامسة:]
غيرة الله- سبحانه وتعالى- على نبيه صلى الله عليه وسلّم وحرصه عزّ وجلّ على رفع أي أذى يصيبه ولو كان أذى معنويّا، ومن شدة عناية الله- سبحانه وتعالى- بنبيه وحبه لإظهار تلك العناية للعالمين، أن القران لم يكتف برفع الأذى عن النبي صلى الله عليه وسلّم، بل نص على أن ذلك الحكم ما كان إلا بسبب تأذي النبي صلى الله عليه وسلّم. قال تعالى: إِنَّ ذلِكُمْ كانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ [الأحزاب: ٥٣] .
ويتفرع على ذلك: التهديد الشديد، والوعيد الأكيد لمن تسبب في إيذاء النبي صلى الله عليه وسلّم حتى بعد وفاته؛ لأن الله عزّ وجلّ لا يحب أدنى إيذاء له صلى الله عليه وسلّم وإن كان هذا الإيذاء قد وقع بسبب أمور يعتقدها الناس من العادات وليس من العبادات، فما بالكم لو وقع الإيذاء فيما هو أكبر من ذلك، وهو ما يتعلق بأمور التشريع والسنة؟!.
[الفائدة السادسة:]
إثبات عدم استحياء الله عزّ وجلّ من الحق، ولكن إذا كان على المسلم أن يقول الحق، فيجب عليه أن يتخير أحسن الطرق وأجمل الألفاظ لتوصيل الحق إلى السامع كما نوّهت انفا.
وهذا أدب اخر، علمه الله- سبحانه وتعالى- الأمة، وأمرهم أن يتبعوه عند مخاطبة أشرف الخلق نبينا محمد صلى الله عليه وسلّم وهو عدم رفع الصوت في حضرة النبي صلى الله عليه وسلّم بحيث يعلو صوت المتكلم على صوته، وهو أدب رفيع ربّى الله- سبحانه وتعالى- الأمة عليه كما سيأتي